أقدم الأمراض في التاريخ
عند دراسة الأمراض الغابرة لا شىء قد يفيد مثل أجسام الموتى فمنهم يستخرج العلماء أدلة وآثار الأمراض وبهم يمكنهم معرفة أنواع الأمراض التى تعرض لها البشر على مر التاريخ ، وفى هذه القائمة سنذكر أقدم 🔟 أمراض عرفها البشر سواء سببتها البكتيريا أو الفيروسات ، ويستثنى من هذه القائمة أمراض حصدت أرواح الملايين مثل الإنفلونزا والحصبة والطاعون الأسود وذلك لأنها تتطلب كثافة سُكانية كبيرة لتنتشر وهذا لم يحدث إلا عندما بدأ البشر فى العيش داخل مدن كبيرة
الكوليرا
القرن الـ 4 ق م صنّف الطبيب اليونانى أبقراط الأمراض التى أصابت البشر بذلك الوقت وكان من ضِمنها مرض الكوليرا بكتيريا الكوليرا تعيش فى العديد من مصادر المياه حول العالم ولكن يكمُن خطرها فى البيئة التى يتواجد فيها كثافة سكانية حول تلك المصادر بحيث تساهم هذه الكثافة في انتشار المرض بشكل أسرع.
نهر جانج يُعد من أقدم مصادر المياه التى تجمّع حولها البشر ويعتقد العلماء أنه مصدر إنتشار المرض للعالم حيث أنه كلما كان هناك أُناس أكثر مُصابون بالكوليرا فإنهم يزيدون من تلوث المياه بالبكتيريا وبالتالى يزيدون من إنتشار المرض بين البشر الذين يعيشون على امتداد مصدر المياه.
التيفوئيد
خلال الفترة من 430 وحتّى 426 ق م إجتاح مدينة أثينا وباء لا قِدَم لأحد به ووصف المؤرخ اليونانى ثيوسايديس أعراض هذا المرض بأن الناس يكونون بصحة جيدة ثم فجأة يهاجمهم إرتفاع كبير فة درجة الحرارة بالرأس أو الحلق أو اللسان ليتحول لونهم للأحمر ويصدر عن أفواههم روائح كريهة وعندما يستقر المرض فى المعدة فإنه يؤلمها جداً ولا يتجاوب مع أى وصفة دوائية يعرفها الأطباء إذا تجاوز المريض هذه المرحلة ينتقل المرض إلى الأمعاء مسبباً القرحة والإسهال ثم ضعف قاتل بجسد المريض ، وساهم هذا الوباء في خسارة أثينا لمدينة سبارطا الشهيرة فى الحرب البيلوبونيزية مُحدثاً فجوة كبيرة فى الديموقراطية عبر التاريخ
الجذام
على الرغم من وجود وصف لمرض الجذام بالإنجيل إلا أنه لم يكن أقدم ذكر له حيث يمكننا أن نجده مذكوراً أيضاً فى مخطوطة من ورق البردى الخاصة بالحضارة المصرية القديمة عام 1550ق م والتى ذكر فيها :
إذا وجدت ورمًا كبيرًا فى أى جزء من جسدك وكان رهيبًا وأحدَث انتفاخًا وظهر به شيء مثل الهواء إذًا يجب أن تعرف أنه ورم خنسو “إله من آلهة الفراعنة” ويجب أن لا تفعل أى شىء بخصوصه
بينما تعتمد الكوليرا والتيفوئيد على الإنتشار المباشر عبر مصادر المياه ، فهو بتبع استراتيجية مختلفة حيث يمكن لحامل بكتيريا الجذام أن يستمر في حملها لمدة 20 عاماً قبل أن تظهر عليه أية أعراض لينتشر المرض خلال تلك الفترة إنتشاراً كبيراً ، وتسمى تلك الاستراتيجية بطريقة الهمود أو الخمود
الجُدَرى
الهدف من التحنيط بشكل عام هو حفظ أنسجة الجسم الخارجية لذلك فالحضارة المصرية القديمة تُقدم مصدراً هائلاً من المعلومات عن الأمراض الجلدية التى أصابت قدماء البشر أحد الأوائل الذين بدأوا في دراسة الأمراض القديمة في المومياءات المصرية كان Marc Armand Ruffer والذى ألّف كتابًا في عام 1921مــ باسم دراسة الأمراض القديمة فى مصر وصفَ فيه ثلاث مومياءات ظهر عليها بثور على شكل حويصلات تشبه تماماً تلك الموجودة لدى المُصابين بالجُدَرى أقدم مومياء من الثلاثة كانت تعود لعام 1580 ق م وأحدثها كانت مومياء رمسيس الذى توفى عام 1157ق م ، والجُدرى من الأمراض القاتلة التى حصدت أرواح من 300 إلى 500 مليون إنسان فى القرن الــ20 وحده
داء الكلب
داء الكلب لمن لا يعرفه مرض فيروسى مُعدٍ وقاتل يُصيب الكِلاب وغيرها من الثدييات ويُسبب الجنون والتشنجات وينتقل للبشر عن طريق اللُعاب ويعد فيروس داء الكلب من الفيروسات الذكيّة حيث لا يكتفى فقط بإصابة فريسته ولكنه يستولى على عقله ويجعله يرغب فى عضّ أى شىء وهكذا يزيد الفيروس من فرص إنتشاره وهو ينتهج هذا الأُسلوب منذ العام 2300 ق م وقد ذُكِرَ هذا المرض بدستور حضارة بابل.
الملاريا
أول علاج لمرض الملاريا قدمه الرومان على شكل تميمة منقوش عليها بعض التعويذات يتم ارتداؤها حول الرقبة والمعروفة فى عصرنا الحالى بكلمة أبراكادابرا – abracadabra، وخلال السنوات التالية لذلك العلاج السحرى كان هناك محاولات كثيرة لإيجاد علاج آخر منها إضافة الزيت إلى البرك الراكدة لقتل يرقات البعوض وإستخدام المبيدات واللقاحات والشباك وحتى حلول متطورة مثل إستخدام الليز لقتل البعوض فى الهواء وبالرغم مما سبق إستمر المرض في الانتشار ليصيب 300 مليون إنسان كل عام ويقتل منهم مليونًا على الأقلّ سنويًّا وأحد الأبحاث تعتقد أن مرض الملاريا مسؤول عن نصف وفيّات البشر منذ العصر الحجري وحتّى الآن وتمتد جذور المرض إلى العام 2700 ق م حيث ذُكِرَ أول تعريف له فى أحد الحضارات الصينية.
الالتهاب الرئوى
يتنفس البشر يومياً 11 ألف لتر من الهواء وبالتالى يمكننا إستنتاج أن الرئتين من المواطن المفضلة للبكتيريا والفيروسات والطحالب وحتى الطفيليات وعندما تستعمر إحدى تلك الكائنات الرئة فالنتيجة المتوقعة هى إفراز سوائل فى الرئة وذكر الطبيب أبقراط أن وجود السوائل فى الرئتين يمكن أن يُطلق عليه التهابًا رئويًّا إذا إذا كانت هناك حُمّى حادة وإذا كان هناك ألامٌ فى الصدر وكحة مصحوبة ببصق وبلغم ومن الصعب تحديد تاريخ نشوء هذا المرض لأنه كما ذكرنا أنسجة الرئة لا تُعمّر كثيرًا بعد الموت وبالتالى الأدّلة على تاريخ هذا المرض تحديدًا غير معروفة ولكن لا شك أنه يعود لحقبة ما قبل التاريخ والدليل على ذلك ذكر أبقراط له ووصفه له بمرض القدماء
السُلّ
عام 2008مــ إكتشف مجموعة من العلماء مدينة كانت مغمورة تحت التراب على سواحل دولة فلسطين وفيها وجدوا بقايا أم وطفلها وأظهرت عظامهم أدلة واضحة على إصابتهم بمرض السُلّ وتأكد الأمر بعد فحص الحمض النووى الخاص بهم ويُقدّر عمر هذه الآثار بـ9000 عام وأظهرت حفريات أخرى أيضًا تلك المدينة أن مصدر هذا المرض هو الإنسان وإنتقل منه إلى الأبقار وليس العكس ومع أن هذا الاكتشاف يُعتبر أقدم إكتشاف للمرض إلا أن أدلة أُخرى تم الكشف عنها بتركيا بعِظام أخرى يعود تاريخها إلى 500 ألاف عام
التراخوما
مرض التراخوما مرض بكتيرى مزمن ومعدٍ يصيب العين ويسبب ظهور حبيبات بجفن العين ويعمل على تقليصه وصول رموش العين إلى القرنية ومع الوقت وحك المريض لعينه باستمرار قد يُصاب بالعمى وتم ذكر هذا المرض في كتاب أبقراط وفى أوراق البردى الخاصّة بالحضارة المصرية ولكنّ الباحثين وجدو آثارًا لهذا المرض فى بعض الهياكل العظمية بأُستراليا تعود إلى عام 8000 قبل الميلاد
حمى الجبال الصخرية
الميتوكوندريا جزء حيوى يمكننا أن نجده فى كل خليّة حيّة بجسم الإنسان وتقوم بدور هام لبقاء الإنسان وهو تحويل الجلوكوز إلى وحدات طاقة يُطلق عليها ATP يمكن للخلايا استخدامهاوتحمل جيناتها الخاصّة المنفصلة عن الحمض النووى الخاص بالإنسان نفسه وهى تشبه بتركيبها تلك التى لدى البكتيريا ويعتقد العُلماء أنها قد تكون سبب وجود أكثر الكائنات فتكًا على وجه الأرض ومن البديهى أنه إن كان هذا التوقع صحيحًا فقد حدث قبل ظهور الإنسان بفترة ولا يمكن الاستدلال عليه بالحفريات لذلك فقد قام الباحثون بمقارنة تلك الجينات لدى الميتوكوندريا مع جينات البكتيريا الموجودة اليوم ليجدوا أنها أقرب ما تكون إلى نوع من البكتيريا تُسبب حُمى الجبال الصخرية.