كتاب الدبلوماسية المعاصرة - تاليف : جيفري بيجمان


كتاب الدبلوماسية المعاصرة - تاليف : جيفري بيجمان


من المتفق عليه ان معاهدة وستفاليا للسلام لعام ١٦٤٨م هي التي مهدت لنظام دولي قائم على فكرة الدولة – الأمة والتي أسست لمفهوم الدبلوماسية الحديثة ، وحتى القرن العشرين كانت الصورة الكلاسيكية عن الدبلوماسية انها ترتبط بتمثيل حكومات الدول لدى بعضها البعض وبالاتصال بينها ، وهنا تكمن أهميتها التقليدية ; ضمن وظيفتي التمثيل والاتصال، اللاتي كانتا حكراً على الدبلوماسية . ولكن منذ النصف الأول للقرن العشرين حدث تغيير نوعي في كيفية ادارة الدبلوماسية ومكان ادارتها وكذلك فيمن يعمل بالدبلوماسية، اذ ان نطاق عملها لم يعد محصوراً بالشؤون السياسية فحسب ، كما كان عليه قبل الحرب العالمية الأولى ، بل أصبح يتناول الشؤون الأخرى كالاقتصادية والتجارية والثقافية والسياحية وكذلك القضايا الفنية على اختلاف انواعها ، ولكن منها مايمثل أهمية خاصة وانعكاسات نسبية أكثر من غيرها على سياسة الدول . فالجهات الفاعلة التي بزغت مثل المؤسسات متعددة الاطراف ومنظمات المجتمع المدني والقنوات التي كانت تجري الدبلوماسية من خلالها كالمنتدى الاقتصادي العالمي ومؤتمرات الامم المتحدة بشأن مواضيع محددة كالمرأة والبيئة والارهاب ، كل ذلك يعتبر اكثر تنوعا من العالم الدبلوماسي الكلاسيكي الذي كان يتمثل في اللقاءات بين سفراء الدول، وكذلك مؤتمرات القمم متعددة الاطراف بين الحين والاخر ، ولكن هل يعني ذلك ان أهمية الدبلوماسية تقلصت عما كانت تمثله من قبل ؟ وهل هي في طريقها للاضمحلال ؟ او انها انتقلت الى نمط اكثر قوة وسطوة ؟.


لقد حدث تقدم ملموس في الدبلوماسية المعاصرة باعتبارها مكونه من تفاعلات بين انماط متباينة من الكيانات وذلك بفضل التكامل بين الجهات الدبلوماسية التقليدية والجهات الدبلوماسية الحديثة وتعتبر هذه الظاهرة جديدة وعلى قدر كبير من الاهمية بحيث تفوق االاهمية التي كانت تميزها فيما مضى. ويشير#جيفري_بيجمان الى ان جهود الجهات الدبلوماسية التقليدية من أجل الاستجابة للتغيير في النظام الدولي المعاصر والاقتصاد العالمي والتكنلوجيا متواصلة في احداث التغيير والتكييف في المهام الدبلوماسية وكانت نتيجة هذا التغيير والتكييف هي ان الوظائف الدبلوماسية المحورية وهي التمثيل والاتصال قد اصبحت مختلفة ، وبالتالي نقلتها الى بعد اخر أكثر أهمية والحاحاً في خضم تلك التحولات 


ويوضح هذا الكتاب إن الدبلوماسية تتألف من – وظيفتين أو نشاطين محوريين وهما التمثيل والاتصال، وحيث يبدأ التمثيل بفكرة الجهة الدبلوماسية ذاتها ويسأل كيف يقدم الممثل نفسه للآخرين الذين يرغب في إقامة علاقة وحوار معهم والحفاظ على تلك العلاقة و ذلك الحوار، هل حاكم دولة ذات سيادة يمثل نفسه أو نفسها في المفاوضات بشكل مباشر – أي شخصياً ؟ هل يعين أو تعين مبعوثاً خاصاً يتولى المهمة الدبلوماسية ؟ هل يعين الحاكم ممثلاً دائماً أو سفيراً مقيماً في المكان الذي يرغب أن تمثل فيه بلده؟ هل ينشئ آلية للتواصل المنتظم أو الطارئ باستخدام التكنولوجيا مثل لقاءات الفيديو كونفرانس أو التليفون "الساخن"؟ كيف تختلف هذه الاختيارات إذا كانت السيادة للأمة نفسها وليست للحكومة؟ كيف تختلف إذا لم يكن الحاكم رئيساً لحكومة دولة ولكن رئيساً تنفيذياً لشركة كبرى مثل مايكروسوفت أو رئيساً لمؤسسة مجتمع مدني مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أميناً عاماً لمنظمة دولية مثل الأمم المتحدة؟ 


وفى النهاية قد يبدو أمرا مفيداً في تحقيق أهداف هذا الكتاب لغرض الوصول إلى طبيعة دراسة الدبلوماسية وليس مجردالوقوف على معنى الدبلوماسية , فغدما نرى أن دراسة الدبلوماسية هى دراسة التمثيل والاتصال بين اللاعبين الدوليين بما فيها الحكومات والمؤسسات متعددة الأطراف ومنظمات المجتمع المدنى والشركات الكبرى فاننا بهذا الفعل نضع لأنفسنا خارطة طريق للمساحة التى يمكننا تغطيتها بدون أن نضطر إلى أن نتناول مقدماً كل الحالات الصعبة والأسئلة المترتبة على ما إذا كان أمر ما له علاقة بالدبلوماسية أم لا.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-