العمليات الجيومورفولوجية والأشكال الناتجة عنها في محافظة كربلاء - أ.م.د. أسامة خزعل عبد الرضا

 

العمليات الجيومورفولوجية والأشكال الناتجة عنها في محافظة كربلاء - أ.م.د. أسامة خزعل عبد الرضا 



فاطمة نجف حسين


المستخلص:

   تمثلت العمليات الجيومورفولوجية السائدة والمؤثرة في منطقة الدراسة بالعمليات التكتونية التركيبية, الناتجة عن الحركات الأرضية المتمثلة بقوة الشد والإنضغاط, والتي نتج عنها تشكيلات محدبة ومقعرة كالطيات التي مثلها المسطح الصحراوي, كما نتج عن هذه العمليات مجموعة كبيرة من الصدوع والفوالق ذات إتجاهات وأبعاد متباينة. أيضاً شملت العمليات الجيومورفولوجية نشاط لعمليات التجوية الفيزيائية والكيميائية وظهرت أثارها على الصخور بشكل فتات صخري متباين الحجم فضلاً عن أثار لعمليات التحلل والأذابة, كما تبين من خلال المسح الميداني وجود نشاط لعملية التعرية المائية والريحية وتم رصد أثارها وأماكن نشاطها, ايضاً وجدت أجزاء من المنطقة متأثرة بنشاط حتي ريحي لم يتجاوز أرتفاع تأثيره (170) سم أضافة ممارسته للنحر السفلي على مجموعة واسعة من صخور المنطقة.

مشكلة البحث :ـ هل للعمليات الجيومورفولوجية اثر في تشكيل الظواهر الجيومورفولوجية في محافظة كربلاء.

فرضية البحث :ـ معرفة الإتجاه السائد للعمل الجيومورفولوجي للهامش الصحراوي بإتجاه المدينة للحد من تأثيرات العمل الجيومورفولوجي المباشر بإتجاه المحافظة.

الحدود المكانية (الموقع الجغرافي والفلكي) : 

   تقع محافظة كربلاء جغرافيا وسط العراق على الحافة الشرقية للهضبة الغربية جنوب غرب مدينة بغداد وهي أحدى محافظات الفرات الأوسط التي تشمل (بابل وكربلاء والنجف والقادسية). أما الموقع الفلكي فتقع بين خطي الطول(10¯ 43°ــ 20¯44°) ودائرتي عرض 32°ـــــــــ 33° شمالاً, يحَّد المحافظة من الشمال والغرب محافظة الأنبار ومن جهة الشرق محافظة بابل ومن الجنوب محافظة النجف كما مبين في الخريطة (1).


خريطة (1) موقع منطقة الدراسة من العراق



المصدر:ـــ الباحث بالاعتماد على مجلس محافظة كربلاء, مركز معلومات كربلاء, لجنة الأعمار والتخطيط الإسترتيجي, شعبة GIS, مقياس رسم 1:100000, 2012. 


أولاً: العمليات التركيبية (المورفوتكتونك) والاشكال الناتجة عنها:ـ

    يعرف علم المورفوتكتونك بانه تفسير تكتوني للمظاهر الجيومورفولوجية وذلك من خلال التركيز على دراسة أصل تلك المظاهر وعلاقتها بالحركات التكتونية([1]). وتنتج هذه المظاهر التكتونية بسبب قوة الشد والضغط التي تتولد عن الحركات الأرضية فتظهر بأشكال محدّبة ومقعرّة او بشكل تشققات بهيئة صدوع او فوالق ثم في مرحلة زمنية لاحقة تعمل عوامل التجوية والتعرية والحت على تحوير هذه الأشكال بطرق مختلفة كل بحسب أسلوب عمله واتجاهه وسرعته فضلاً عن ان نوع المكون الصخري أيضا" له تأثير, ويتحكم بطريقة مباشرة في الناتج النهائي للعمليات الجيومورفولوجية. وتتمثل الأشكـــال الناتجـــــــــــة عن الحركــــــات الأرضيــة او العمليات التركيبـيـة في منطقة الدراسة بما يأتي([2]) :- 


1ــ التراكيب الخطية :- تُعّد المفتاح الرئيس لأغراض التحليل التركيبي والتكتوني؛ إذ عرفت بانها ظواهر سطحية خطية بسيطة قابلة للرسم, وتكون أجزاؤها مصطفة بخطوط مستقيمة, أو منحنية قليلا" وقد تعكس أحداث جيولوجية موجودة تحت سطح الأرض([3]). والتراكيب الخطية كلمة وصفية تستعمل لوصف جسم او مجموعة أجسام خطية يتداخل استعمالها والاستطاليات التي تُعّد كلمة مرادفة لها بالمعنى نفسه([4]). وقد مّيزهما؛ كثير من الباحثين إذ تعني الاستطاليات الظواهر الخطية الواسعة الامتداد وهي انعكاس سطحي لتراكيب تحت السطحية , او صدوع مؤثرة في صخور القاعدة, وقد تمتد هذه التراكيب قاطعة السمك الكلي للقشرة الأرضية مسببة زيادة في طول القشرة الأرضية. وهناك بعض المعالم السطحية لتحديد الظواهر الخطية منها([5]) :- 


- استقامة الظواهر تارة وانحرافها الحاد تارة أخرى مما يشير إلى سيطرة الصفات التركيبية والتكتونية.

- نمو النبات الطبيعي بشكل خطي على طول الظاهرة .

- التباين في درجة اللون للتربة والصخور وانتظامها بشكل خطي . 

- الامتداد الخطي لبعض الأشكال الأرضية بشكل متقطع او مستمر.


وأهم التراكيب الخطية هي:ــ

أـ الصدوع والفواصل:ـ تنشأ الفواصل نتيجة لحركات الشد والضغط, وعادة ما تتعامد على أسطح الطبقات في الصخور الرسوبية, وتختلف الفواصل عن الصدوع في أنها لا ترتبط بأي إزاحة رأسية كانت او أفقية([6]). وتعرف الصدوع (الفوالق) بانها تكسرات وتشققات تحدث في الصخور الأرضية مصحوبة بإزاحة أحد أطرافها او الطرفين معا"([7]). نتيجة للحركات الأرضية التي تحدث في الصخور بمختلف انواعها ويكون مصحوبا" في أغلب الأحيان بانزلاق في الطبقات التي توجد على جانبيه إذ ينقطع امتداد هذه الطبقات فتظهر الطبقات الصخرية على أحد جانبيه في مستويات مختلفة عن مستوياتها على الجانب الآخر([8]).

  لذا ظهرت مجموعة من الصدوع في منطقة الدراسة نتيجة للحركات التي تعرض لها العراق الذي يشكل جزءا" من الصحيفة العربية ومن أهم الصدوع هي :- 

- فوالق ذوات أتجاه شمال شرق – جنوب غرب (فالق شثاثة , عضمان ,فالق الهبارية , مديسيس) وكذلك فوالق ذات الاتجاه شمال غرب – جنوب شرق (فالق الكصير) ويمكن الاستدلال على وجود هذه الفوالق بشكل واضح على السطح بالتغير الصخري, إذ إنَّ المضرب الطبيعي الإقليمي هو تقريبا" باتجاه شمال غرب – جنوب شرق([9]).أما الأجزاء الشرقية تقع ضمن نطاق السهل الفيضي ونطاق دجلة الثانوي بشكل رئيس وجزئيا" ضمن نطاق الفرات الثانوي([10]). 

- انظمة صدوع باتجاه شمال غرب – جنوب شرق :- يُعدّ صدع الفرات (أبو جير) من أهم الصدوع في منطقة الدراسة, وهو الصدع الذي يسيطر على تدفق العيون على طول مساره([11]).ويمثل هذا النطاق الحدّ الفاصل بين المناطق القارية والمناطق البحرية, وانها تكونت بسبب وجود صدع خسف قديم ذي حركات أرضية متجددة([12]) . وتعود إلى عصر المايوسين, وتتخذ مسارات شمال غرب – جنوب شرق, وتتوزع العيون المائية على امتداد هذه المسارات ولا سيما الجزء الشمالي الغربي .ان هذه الصدوع قطعت كلا من الرف المستقر المتمثل بنطاق أبو جير, والرف غير المستقر المتمثل بنطاق السهل الرسوبي([13]). وهو يمتد لمسافة طويلة جدا" (من حديثة حتى الناصرية) ويبلغ (600) كم الطول الكلي[14]. ومنها (71,500) كم في محافظة كربلاء, يتقطع هذا الصدع بمجموعة صدوع جانبية مثل صدع غرب كربلاء الذي يمتد من الشرق الى الغرب, ويمتد صدع بحيرة الرزازة باتجاه شمالي – جنوبي, ويُعدّ هذا النظام الأحدث ويرتبط تكونه بالتنشيط التكتوني على امتداده. 

- انظمة صدوع باتجاه شرق – غرب وخير مثال عليها صدع وادي الغدف وصدع وادي الأبيض([15]), صدع غرب كربلاء الذي يمتد من الشرق الى الغرب يمكن ملاحظة الخريطة (2). 


الخريطة (2) التراكيب الخطية لمحافظة كربلاء 


المصدر:ــ الباحث بالاعتماد على المرئية الفضائية, باستخدام البرامج PCIGeomatica2012,RockWorks15, ArcGIS 10,2. 

ب ــ الطيات (الالتواءات) :- تنشأ الالتواءات نتيجة تعرض صخور رسوبية رخوة لضغوط جانبية او رأسية مما يؤدي الى ان تستجيب الطبقات الرسوبية الرخوة إلى هذه الضغوط بالطيّ أو الالتواء, وتتكون الطيّات عادة من قسم محدب نحو الأعلى وقسم مقعّر نحو الأسفل ويمكن القول أيضا" إنَّ الطيّة تتكون من محدبين ومقعّر, أو من مقعرين ومحدب ([16]).

   ويُعَّد المسطح الصحراوي أهم طيّة في منطقة الدراسة الذي هو جزء من تركيب لطيّة محدّبة كبيرة, ومتجانسة وان هذا التركيب غير واضح على سطح الأرض نتيجة لانتظام ميل الطبقات الصخرية وتظهر سطح ذو ميل متجانس, باتجاه واحد, وكذلك نتيجة وجود غطاء من الترسبات العصر الرباعي يمكن ملاحظة الخريطة (3). واتجاه الميل الإقليمي هو شمال شرقيَّ وقيمته تتراوح ما بين (صفر– 2) درجة بنحو 2/1 درجة كمعدل الاختلافات في بعض أجزاء الميل يصل الى 5 درجات نسبة الى الميل الإقليمي ليس بالقيمة فقط ولكن بالاتجاه أيضا" وهو نتيجة السلوك التموّجي للطبقات, يرجع تكوين صخورها الى عصر المايوسين, ولا تحتوي على الفواصل, تقع مدينة كربلاء المقدّسة وضواحيها الى الشرق من المسطح الصحراوي على الحدّ الفاصل بين الرصيف المستقر نطاق السلمان والرصيف غير المستقر حزام دجلة([17]).


الخريطة (3) الطيات لمحافظة كربلاء 


المصدر:ــ الباحث بالاعتماد على المديرية العامة للمسح الجيولوجي والتحري المعدني, الخريطة التكتونية لمحافظة كربلاء, خريطة ذات مقياس رسم 1:100000 , رسمت باستخدام برنامج GIS. 

ثانياً: العمليات المورفومناخية والاشكال الناتجة عنها :ـ

   إن أهم العمليات المورفومناخية هي عملية التجوية بنوعيها(الفيزيائي, الكيميائي) وعملية التعرية اللتين تعدان عمليات هدم لسطح الأرض, أما بالنسبة لعملية الترسيب التي تعُدَّ عملية بناء التي منها تشكلت المظاهر الجيومورفولوجية, وفيما يأتي شرح لكلِّ عملية :- 

1ــ عمليات التجوية والأشكال الناتجة عنها :- هي عملية تحلل وتفتت معقدة ومتداخلة للمواد المعدنية والصخرية إذ تؤدي الى تحويلها الى مواد جديدة ومضافة تختلف في خصائصها الكيميائية او الطبيعية عنها قبل خضوعها لهذه العمليات . وتعُدَّ الخطوة الاولى في أي نشاط جيومورفولوجي تقوم به العمليات والعوامل الجيومورفولوجية المختلفة([18]). وتقسم على نوعين رئيسين :

أ ــ التجوية الميكانيكية ( الفيزيائية ) :- تشمل العمليات الميكانيكية كافة التي تعمل على تكسير الصخر وتفتيته الى جزئيات صغيرة الحجم, وهذه بدورها تتجزأ إلى جزئيات أصغر فأصغر مع مرور الزمن دون ان يتغير التركيب المعدني للصخور, وقد ساعدت ظروف المناخ القاري وارتفاع درجات الحرارة في نشاط التجوية الفيزيائية, والتي تُعدّ انشط انواع التجوية في منطقة الدراسة, لأن المنطقة جافة([19]). وفيما يأتي عرض لأهم انواع التجوية الفيزيائية السائدة في منطقة الدراسة:ــ

1ــ التجوية الحرارية (الإشعاعية) :- ان التمدد والانكماش في الصخور الناتج من تغيرات درجة حرارة الجو كثيرا" ما يعمل على تفتيت الصخور المكونة من معادن لها معاملات تمدد وانكماش متباينة([20]). وعلى هذا الأساس فان التغير السريع لدرجات الحرارة يعمل على تكوين ظاهرة التقشر في كثير من الصخور, إذ ان هذه الصخور تتقشر مكونة أغلفة او شظايا صفائحية مختلفة السمك تحيط بالصخر, ويطلق على هذه العملية عملية التقشر([21]). ويظهر ذلك جليا" في تكوينات ذات الترسيب القاري ومتمثلة بتكوين انجانة ولقد رصدت هذه الظاهرة في منطقة الدراسة يمكن ملاحظة الصورة (1)([22]).


الصورة (1) ظاهرة التقشر في منطقة الدراسة


المصدر :- الدراسة الميدانية 4/7/2013.

2ـ التجوية بفعل الصقيع :- ان لعمل الصقيع من تسرب للمياه وتغلغله الى الشقوق والفواصل الموجودة في الصخور, ونتيجة للتجميد المتكرر والذوبان بفعل انخفاض درجات الحرارة وارتفاعها يؤدي إلى حدوث توسع هذه الشقوق والفواصل , وان الماء يزداد حجمه بنسبة 9% حينما يتجمد, وهو بذلك يسلط جهد على جدران الشقوق والفواصل وفي النهاية نلحظ وجود كتل صخرية مفصولة او مقطوعة من الصخرة الأم ([23]). وان هذه الحالة قليلة في منطقة الدراسة ما عدا بعض ليالي الشتاء, وذلك لسقوط الأمطار يعقبها انخفاض في درجات الحرارة إلى ما يقارب الصفر المئوي يؤدي الى انجماد المياه, حينما ترتفع درجات الحرارة تذوب هذه المياه وباستمرار هذه العملية تنفصل كتل صخرية من الصخرة الأم([24]),ويتضح ذلك في الحافات الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية لبحيرة الرزازة وفي تلال الطار, وكما يلحظ في صورة (2) إذ يبلغ ارتفاع أكبر الكتل حجماً من اليمين بحدود 2,30 م ومن اليسار 1 م أما عرضها فبلغ 1,5 م, فضلا ًعن وجود كتل أخرى مختلفة الحجم([1]). 



صورة (2) انفصال كتل صخرية عن صخر الأم في منطقة الدراسة


المصدر:ـ الدراسة الميدانية 4/7/2013.

3 ـ التجوية بفعل الأملاح :- ان للأملاح وتبلورها أثراً كبيراً في تفكك الصخور, وعلى الرغم من أثر بعض الجوانب الكيميائية لهذه العملية إلا ان أثرها في تفكك الصخور فيزيائي (ميكانيكي) في المقام الاول , ان وجود الملح في الصخور يساعد في تجويتها, إذ إنَّ نمو بلورات الملح في عمليتي إذابة المعادن الموجودة بتأثير المياه وتليها عملية التبخر, وتكرارهما يساعد على حدوث إجهادات على الصخور تقود بشكل تدريجي الى تفتيت الصخر, وان وجود عاملي المياه والحرارة يساعدان المركبات الملحية على إحداث مسامات في الصخور([25]),إذ تعمل التجوية الملحية باتجاهين الاول ان بلورات الملحية المتداخلة بين البلورات المعدنية للصخر وفي المسامات والفراغات البينية تتأثر بارتفاع درجات الحرارة بشكل سريع يفوق سرعة تأثر أي معدن من المعادن الأمر الذي يؤدي إلى تمدد هذه الأملاح فتسلط ضغوطاً وإجهادات زاوية على البلورات المعدنية المجاورة فتؤدي إلى تفككها وهذه العملية تستمر على مدار الساعة حتى انخفاض درجات الحرارة فان انكماش البلورة الملحية يؤدي إلى التقليل من حجمها فيكون بإمكانها الدخول إلى الفراغات الضيقة جداً وبعد ذلك تمارس ضغوطها عند ارتفاع درجات الحرارة وتمددها أما الاتجاه الثاني للعمل الجيومورفولوجي للبلورات الملحية فيتمثل بالتميؤ وهو عملية اكتساب جزيئة ماء من الهواء الجوي او من الماء الجاري على السطح او من الماء الجوفي عندها يكبر حجمها بفعل التميؤ بما يشبه بالانتفاخ الأمر الذي يولد ضغوطاً وإجهادات تؤدي إلى تفكك حبيبي ونواتج هذه التجوية دائماً تكون مواد مفككه ناعمة وبكميات كبيرة وتنتشر هذه العملية بنطاق واسع ضمن تكوين الفتحة, وذلك لاحتوائه على إنهدرايت (CaSo4) والجبس (CaSo4.H2o) والهالايت (NaCL) كما يلحظ في الصورة (3)([26]). 

تحميل من 

↲    top4top

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-