ميناء السدرة النفطي دراسة في جغرافية النقل د. حسين مسعود أبومدينة

 

 ميناء السدرة النفطي
 دراسة في جغرافية النقل د. حسين مسعود أبومدينة

قسم الجغرافيا/ كلية الآداب / جامعة سرت

abomadina@su.edu.ly

 أعمال المؤتمر الدولي الثاني: متطلبات التنمية الحقيقية في ليبيا (من أجل تنمية شاملة ومستدامة في ليبيا) 14 - 15 ديسمبر 2021م - جامعة خليج السدرة – بن جواد - المجلد الثاني - تحرير: د. مصباح عبد الله أحواس وآخرون - منشورات جامعة خليج السدرة 2021م ـ ص ص. 227 - 250:

الملخص:

يدرس هذا البحث ميناء السدرة النفطي، كأحد موضوعات جغرافية النقل؛ وذلك بهدف التعرف على العوامل الجغرافية التي كانت سبباً في نشأة الميناء والمؤثرة على تشغيله، والتعرف على مكونات الميناء وتجهيزاته، ومناطق نفوذه، وتتبع حركة صادرات الميناء من النفط الخام، حيث استخدم المنهج الوصفي لعرض وتحليل مكونات الميناء وتجهيزاته، والمنهج الموضوعي الذي يعنى بدراسة الظاهرة ومكوناتها والعوامل الجغرافية المؤثرة عليها وتأثيرها على الظاهرات الأخرى، وكذلك المنهج التاريخي في تتبع حركة صادراته. وقد خلُص الباحث إلى مجموعة من النتائج منها:

- ساهمت مجموع من العوامل الجغرافية في اختيار موقع الميناء وموضعه الحالي، منها قربه من حقول النفط، ووجود لسان أرضي استغل لبناء ميناء خدمي لقوارب القطر والارشاد، وكذلك وجود هضبة صخرية بارتفاع 73م إلى الجنوب من الميناء بحوالي 8كم استغلت لبناء خزانات النفط عليها.

- أنّ الأمواج والرياح هي الظروف الطبيعية الأكثر تأثيراً على تشغيل الميناء، فقد بلغت عدد أيام إقفال الميناء بسببها 12يوماً و13 ساعة في سنة 2020م، وأنّ أكبر عدد لساعات التوقف عن العمل بميناء السدرة النفطي كانت في أشهر الخريف والشتاء.

- أوضح البحث أثر للظروف السياسية على صادرات الميناء، حيث تتراجع كمية الصادرات في الأزمات السياسية، بل توقف تماماً عن التصدير لمدة تزيد عن ثلاث سنوات بسبب حالة عدم الاستقرار التي تعيشها ليبيا بعد سنة 2011م.

الكلمات المفتاحية: ميناء السدرة النفطي، جغرافية النقل، ظهير الميناء، نظير الميناء.

مقدمة:

بدأت ليبيا تصدير النفط في شهر سبتمبر 1961م، حيث صُدّرت أول شحنة عن طريق ميناء البريقة النفطي، وفي السنة التالية افتتح ميناء السدرة النفطي وصُدّرت منه أول شحنة في شهر يونيو 1962م. ثم توالت الاكتشافات وزادت الكميات المصدرة، وأصبح في ليبيا ستة موانئ نفطية على طول ساحلها البحري، بالإضافة في ميناء حقل البوري الذي يقع داخل البحر إلى الشمال من مدينة طرابلس بمسافة 120كم تقريباً، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ ميناء السدرة النفطي تربع على المركز الأول من حيث كمية صادرات النفط الخام منذ عام 1969م وحتى الوقت الحاضر (2021م).

يعرض هذا البحث بالدراسة ميناء السدرة النفطي كأحد موضوعات الجغرافيا الاقتصادية، التي تركز على العوامل الجغرافية المؤثرة على نشأة الميناء وتشغيله، وكذلك دراسة المجال الأرضي والمجال البحري للميناء وتتبع حركة تصدر النفط الخام بالميناء منذ افتتاحه عام 1962م إلى الوقت الحاضر.

أولاً: الإطار المنهجي:

1- مشكلة البحث:

يمكن تحديد مشكلة البحث في التساؤلات الآتية:

- ما تأثير الظروف الطبيعية على نشأة الميناء وتشغيله؟

- ما الامتداد الجغرافي لمنطقة الظهير والنظير لميناء السدرة؟

- ما مدى تأثير الظروف السياسية والاقتصادية على حركة النشاط التجاري بالميناء؟

 2- أهميته:

تكمن أهمية البحث في النقاط الآتية:

- تسليط الضوء على أهم الموانئ النفطية في ليبيا بعلى أساس أنّه أكبر المنافذ المصدّرة للنفط الخام، وبالتالي سيوفر البحث المعلومات والبيانات عن الميناء وأهميته الاقتصادية، مما سيفتح المجال لبحوث جغرافية مستقبلية تغطي جوانب أخرى من الموضوع .

- إثراء المكتبة العربية بدراسة جغرافية عن أحد الموانئ النفطية في ليبيا.

3- أهدافه:

يسعى الباحث من خلال هذا البحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:

- دراسة الظروف الطبيعية المؤثرة على نشأة الميناء وتشغيله.

- التعرف على هيكل الميناء ومكوناته.

- تحديد المجال الأرضي للميناء ومجاله البحري.

- دراسة حركة صادرات الميناء من النفط الخام.

4- فروض البحث:

- الأمواج والرياح هي أكثر الظروف الطبيعية تأثيراً على تشغيل الميناء.

- امتداد ظهير الميناء محدود وينحصر في حقول النفط في حوض سرت، كما أنّ امتداد المجال البحري يتركز في القارة الأوروبية ثم الأسيوية.

- تؤثر الظروف السياسية والاقتصادية التي شهدتها ليبيا في العقود الماضية على حركة صادرات الميناء.

5- منهجية البحث:

اتبع الباحث في دراسته عدد من المناهج العلمية منها المنهج التاريخي في تتبع تطور حركة صادرات النفط الخام بالميناء، والمنهج الوصفي في عرض وتحليل مكونات الميناء، والمنهج الموضوعي الذي يهتم بدراسة الظاهرة الاقتصادية، ومكوناتها والعوامل الجغرافية المؤثرة عليها وتأثيرها على الظاهرات الأخرى.

6- الدراسات السابقة:

ميناء السدرة النفطي من الموانئ التي لم تُدرس دراسة جغرافية متكاملة، وإنّما تمت دراسته، أو الإشارة إليه ضمن بعض الدراسات الجغرافية التي تناولت الموانئ الليبية بصفة عامة، أو الموانئ النفطية على وجه الخصوص، ومن تلك الدراسات ما يأتي:

- دراسة سعد قسطندي ملط (1975م)([1])، بعنوان الموانئ النفطية في الجمهورية العربية الليبية، درس فيها تاريخ نشأتها، وتوزيعها الجغرافي، وحركة تصدير النفط الخام بالموانئ النفطية منذ نشأتها في أوائل الستينيات وحتى بداية السبعينيات.

- دراسة حسين أبو مدينة (1995م)([2])، بعنوان الموانئ الليبية، "دراسة في الجغرافية الاقتصادية"، عرض في هذه الدراسة الملامح الجغرافية الطبيعية للساحل الليبي من حيث ملامحه المورفولوجية العامة، وظروفه البحرية والمناخية، والتطور التاريخي للموانئ الليبية، وتصنيف الموانئ الليبية تبعاً للعديد من المعايير، والمجال الأرضي والبحري للموانئ الليبية، والنشاط التجاري فيها.

- دراسة رابعة الأمجد (2010م)([3])، بعنوان التحليل المكاني للموانئ النفطية في الجماهيرية (موانئ الزويتينة والزاوية والبريقة): الوضع الحالي والآفاق المستقبلية، وعرضت الدراسة العوامل الطبيعية والبشرية المؤثرة في نشأة موانئ الزويتينة والزاوية والبريقة النفطية، والتوزيع الجغرافي للموانئ النفطية الليبية، والمجال الارضي والبحري للموانئ الثلاث، وحركة السفن والصادرات النفطية، والخطط المستقبلية لتطوير هذه الموانئ.

- دراسة حسين أبو مدينة (2016م)([4]) عن ميناء الزويتينة النفطي، إذ درس الظروف الجغرافية بالمنطقة وأثرها على نشأة الميناء وعلى حركة الصادرات بالميناء، وهيكل الميناء ومكوناته، وصادرات الميناء من النفط الخام والغاز الطبيعي وبعض المنتجات النفطية.

- دراسة ريم الزوي (2017م)([5])، بعنوان أهمية ميناء الزويتينة النفطي ودوره في تصدير النفط والغاز، دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، حيث درست العوامل الجغرافية المؤثرة على نشأة الميناء وعلى نشاطه التجاري، والهيكل التركيبي لميناء الزويتينة النفطي وتجهيزاته الأرضية والبحرية، ثم عرضت النشاط التجاري والصناعي بالميناء، ومجالاه الأرضي والبحري، وأهمية الميناء ومركزه بين الموانئ النفطية الليبية.

8- محتوى البحث:

قُسِّم البحث إلى ستة عناصر رئيسة:

- أولاً: الإطار المنهجي للبحث.

- ثانياً: الخصائص الجغرافية الطبيعية بالميناء.

- ثالثاً: مكونات الميناء وتجهيزاته.

- رابعاً: المجال الأرضي والمجال البحري لميناء السدرة النفطي (الظهير والنظير).

- خامساً: حركة صادرات النفط الخام بالميناء.

- سادساً: الخاتمة وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات.

ثانياً: الخصائص الجغرافية الطبيعية بالميناء:

1-  الموقع الجغرافي:

يقع ميناء السدرة النفطي على الساحل الجنوبي لخليج سرت، إلى الشرق من ميناء سرت التجاري بمسافة 180كم، وإلى الغرب من ميناء رأس لانوف التجاري النفطي بمسافة 20كم، وإلى الجنوب الغربي من ميناء بنغازي البحري بمسافة 230كم، ويبعد عن ميناء العاصمة طرابلس مسافة 550كم، ومسافة 680كم عبر الطريق البري. كما هو موضح في الشكل رقم (1). وفلكياً يقع ميناء السدرة النفطي عند التقاء دائرة عرض 4ً6  3َ7  3ْ0 شمالاً بخط طول 0ً1  2َ1  1ْ8 شرقاً([6]).

إنّ أهم ما يميز الموقع الجغرافي للميناء هو قربه من أهم حقول النفط في حوض سرت، وكذلك مرور الطريق الساحلي بجانبه مما يسهل عملية التواصل مع جميع المدن المهمة والتي يخترقها الطريق الساحلي.


شكل (1) الموقع الجغرافي لميناء السدرة النفطي.

المصدر: مصلحة المساحة، الأطلس الوطني للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية، طرابلس، 1978م، ص ص13-14.

2-  الموضع:

ترتبط مواضع الموانئ بثلاثة عناصر رئيسة هي: خط الساحل Coast Line، والواجهة المائية Water Front، والمنطقة المحيطة (الصقيب) Umland، والموضع الجيد للميناء هو أنْ يكون له مدخل سهل، ومياه عميقة، ومعدل جزر بسيط، ومناخ لا يعيق عمليات الميناء في أي وقت من السنة، والحقيقة أنّه نادراً ما تجتمع كل هذه المتطلبات معاً في موضع واحد، ولهذا فإنّ الإنسان عند حاجته للميناء في موضع لا تتوافر به تلك المتطلبات الطبيعية، فإنّه يقوم بتعديله اصطناعياً، حتى يقوم الميناء بدوره على الوجه المطلوب.

وموانئ تصدير النفط تختلف اختلافاً كبيراً عن الموانئ التجارية، فهي عبارة عن مراسي عائمة تثبت في البحر بعيداً عن خط الساحل حيث الأعماق الكبيرة التي تناسب ناقلات النفط الضخمة، ويتم وصلها بأنابيب النفط الغاطسة، وتربط بها الناقلات أثناء الشحن، بحيث تكون للناقلات حرية تامة للدوران حول المرسى بحسب اتجاه الرياح. ومع ذلك فإنّ موانئ النفط بحاجة إلى أرصفة ساحلية لإيواء سفن القطر والإرشاد الخاصة بها، ولهذا عند اختيار الموضع لإقامة الميناء النفطي، يتم البحث عن الأماكن التي بها رؤوس أو خلجان صغيرة توفر حماية طبيعية للميناء، وتتلاءم أعماقها والملاحة الساحلية حتى تخفض من التكلفة المالية لبناء الميناء الخاص بقاطرات وسفن الإرشاد.

فبالنسبة لخط الساحل بميناء السدرة يلاحظ أنّ هناك لسان أرضي يتعمق قليلاً داخل البحر، (شكل 2)، مشكّلاً بذلك تقوساً صغيراً مفتوحاً ناحيـة الشرق، قامت الشركة باستغلاله لإقامة أرصفة ساحلية لرسو سفن الإرشاد والقطر. أمّا الواجهة المائية للميناء فهي مناسبة من حيث المساحة، ومفتوحة أمام الميناء، أمّا من حيث الأعماق فيعاب عليها قلـة العمق، حيث يتراوح بعد خط العمق (-5م) عن الشاطئ ما بين 150 – 500م، وخط العمق (-10م) يتراوح بعده عن خط الساحل ما بين 500 – 1000م، كما هو موضح في الشكل رقم (2)، أمّا بالنسبة لمراسي النفط الخام، فقد تم تركيبها في المياه العميقة وعلى مسافات متباعدة من خط الساحل تتراوح ما بين 1500 متراً إلى حوالي 6000 متراً.

شكل (2) موضع ميناء السدرة النفطي.

 المصدر: - British Admiralty, chart, 3344, Taunton , 1992.

وتتصف المنطقة المحيطة بميناء السدرة أنّها منطقة سهلية متسعة، وبمحاذاة خط الساحل تمتد سلاسل طولية من الكثبان الرملية يزيد ارتفاع بعضها عن 20 متراً، (شكل رقم 2)، وإلى الجنوب من الميناء بحوالي 8كم توجد هضبة صخرية بارتفاع 73 متراً ([7])، كانت أحد الأسباب لاختيار هذ الموضع بالذات لإقامة الميناء، حيث استغلت هذه الهضبة لبناء خزانات النفط الخام والتي ينساب منها النفط الخام طبيعياً إلى ناقلات النفط في الميناء. 

3-  الظروف البحرية:

أ- الأمواج: يتميز ساحل خليج سرت بهدوء شواطئه أغلب شهور السنة، ويتعرض للأمواج القوية التي يتراوح ارتفاعها ما بين 2.5 و 3.5 متر خلال فصل الشتاء([8])، ولهذا فإنّ حركة الملاحة بالميناء لا تتوقف إلّا أياماً قليلة في فصل الشتاء.

ب- التيارات البحرية: تعد التيارات البحرية الموازية لساحل خليج سرت الجنوبي من التيارات الخفيفة التي تتراوح سرعتها ما بين عقدة بحرية واحدة، وثلاثة عقد؛ وذلك بحسب الرياح السائدة، وهي تسير من الشرق إلى الغرب على طول ساحل الخليج([9])، ونظراً لكونها تسير بمحاذاة مناطق شبه جافة فإنّها عادة ما تكون محملة بالرمال، مما يؤدي إلى ترسيب الرمال بحوض الميناء المخصص لقوارب القطر والإرشاد؛ ولذلك خصصت الشركة سفينة متخصصة تعمل على تنظيف الميناء من الرواسب على مدار السنة بحسب كمية الرمال المترسبة بالميناء([10]).

ج- المد والجزر: يُعدّ البحر المتوسط من أقل بحار العالم تأثراً بظاهرة المد والجزر، ويبلغ أعلى ارتفاع للمد بميناء السدرة 50سم([11])، لذلك ليس هناك أي أثر للمد والجزر على حركة القاطرات أو الناقلات بالميناء.

4-  الظروف المناخية:

ما من شك في أنّ الظروف المناخية تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حركة النقل بالموانئ البحري من خلال تأثير حركة الرياح واتجاهاتها، وكمية المطر، ودرجة الحرارة، والرطوبة على حركة السفن والناقلات بالموانئ، وعلى كفاءة العاملين بالنقل البحري. ونظراً لموقع ميناء السدرة النفطي ضمن إقليم المناخ شبه الجاف في ليبيا، وهو شبيه بمناخ البحر المتوسط من حيث إنّه حار جاف صيفاً ودافئ ممطر شتاءً، ولذلك يكون تأثير عناصر المناخ السلبي محدوداً جداً على عمليات حركة ناقلات النفط بالميناء.

فبحسب النشرات التي يصدرها الميناء فإنّ معدلات الحرارة تتراوح بين 11مْ في فصا الشتاء، و27مْ في فصل الصيف([12])، وعموماً فإنّ درجة الحرارة حتى وإنْ ارتفعت إلى 45مْ في بعض أيام الصيف فلن يؤثر ذلك على حركة الناقلات بالميناء، أو شحن النفط الخام. كذلك الحال بالنسبة للأمطار والرطوبة النسبية.

وتُعدّ الرياح أكثر العناصر المناخية تأثيراً على تخطيط وتشغيل الموانئ؛ لكونها المسبب الرئيسي للأمواج أكثر العوامل البحرية تأثيراً على الموانئ والنقل البحري بصفة عامة، كما تؤثر الرياح سلباً على معدات الشحن والتفريغ بالموانئ، حيث تتوقف معدات المناولة عن العمل إذا زادت سرعة الرياح عن 15 ميل/ ساعة (24 كم/ساعة)([13]).

    وبالنظر إلى البيانات التي يصدرها الميناء فإنّ سرعة الرياح تتراوح ما بين 4- 12كم/ساعة في الصيف، وما بين 8- 18كم/ساعة في الشتاء([14])، إنّ هذه المعدلات لسرعة الرياح تعطي انطباعاً بأنّ سرعة الرياح خفيفة إلى معتدلة في الميناء، ولكن في الحقيقة أنّ الميناء يتعرض لهبوب العواصف القوية في بعض أيام فصل الشتاء وأوائل الربيع وأواخر الخريف، فعلى سبيل المثال في سنة 2020م بلغت عدد الأيام التي توقف فيها شحن النفط الخام من الميناء بسبب الظروف الجوية 12يوماً و13 ساعة موزّعة على أربعة شهور هي: شهر يناير 6.7 يوم (161ساعة)، وشهر ديسمبر 3 أيام (73 ساعة)، وشهر نوفمبر يومان وأربع ساعات، وفي شهر أكتوبر 15 ساعة([15])

ثالثاً: مكونات الميناء وتجهيزاته:

يتكون مينـاء السدرة النفطي من ثلاث مكونات رئيسة هي: الأرصفة العائمة داخل البحر لتصدير النفط الخام، وميناء صغير على الشاطئ مخصص لقوارب القطر والإرشاد، وخزانات النفط الخام التي تقع إلى الجنوب من الشاطئ بمسافة 8 كيلومترات تقريباً، وفيما يلي نبذة مختصرة عن مكونات الميناء.

1-   الأرصفة العائمة:

وهي عبارة عن أبراج حديدية (تعرف بالشمندورات) متثبتة في المياه العميقة، والنوع المثبت في ميناء السدرة يعرف بنظام (SPM) ومن ميزاته أنّه بعد إرساء الناقلة يمكنها الدوران حول مركز الشمندورة حسب اتجاه الرياح، والتيارات البحرية في جميع الاتجاهات([16]).

كان الميناء يضم خمسة مراسٍ عائمة تمّ تركيبها في المياه العميقة التي يتراوح عمقها ما بين (-18م) إلى (-30م)، وعلى مسافات متباعدة من خط الساحل تتراوح ما بين 1500 متراً إلى حوالي 6000 متراً، يصلها النفط الخـام بواسطة أنابيب غاطسة تحت البحر، بقطر يتراوح من 42- 48 بوصة، كما هو موضح في الشكل رقم (2)، ويستقبل الميناء الناقلات حتى حمولة 2 مليون برميل، وحالياً يعمل بالميناء عدد اثنين فقط من المراسي العائمة، هما المرسى رقم (5) بعمق (-30م) ويبلغ معـدل شحن الناقلات به 40000 برميل/الساعة، والمرسى رقم (4) بعمق (-24م) ويبلغ معدل الشحن به 30000 برميل/ساعة، أمّا بقية الأرصفة فقد توقفت عن العمل منذ سنوات بعيدة، فالمرسى رقم (2) توقف عن العمل سنة 1986م، والمرسيان رقم (1) ورقم (3) توقفا عن العمل في يناير 2005م.([17])

2-    ميناء السدرة لقوارب القطر والإرشاد:

وهو ميناء صغير تبلغ مساحته حوالي 125 هكتار، والشكل رقم (3) يبين مكونات الميناء:

- حاجز الأمواج الشمالي بطول 430م.

- أرصفة بطول 656م، موزعة إلى أرصفة شمالية بطول 224م، وأرصفة في الجانب الغربي من الميناء بطول 200م، وأرصفة جنوبية بطول 232م.

- حوض الميناء بمساحة 45 هكتار تقريباً، وبعمق يتراوح من 4- 6 م.

- مدخل الميناء مفتوح ناحية الشرق وباتساع 140م.

- مجبد لإخراج قوارب القطر والإرشاد من الميناء لإجراء الصيانة الدورية أو الطارئة لها، يبلغ طوله 60م وبعرض 20م، وقد زود برافعة لها القدرة على رفع 50 طناً.

- مخزن واحد مسقوفة بسعة 600م2 يقع بجانب الرصيف الغربي.

- مباني إدارية وورش الصيانة.

شكل (3) ميناء السدرة لقوارب القطر والإرشاد.

المصدر: www. Google earth .com.    . تاريخ الدخول 25/10/2021م.

3- خزانات النفط الخام:

للميناء 19 خزاناً تسع أكثر من 6.8 مليون برميل، خمسة عشر خزاناً سعة الواحد منها 323000برميلاً، وأربعة خزانات سعة الواحد منها 500000 برميل، وتوصل ثلاثة أنابيب بقطر 42 بوصة هذه الخزانات بأربع وحدات قياس في الميناء، وكل وحدة قياس بها خمسة عدادات([18]).

ونتيجة للاشتباكات المسلحة التي وقعت في منطقة الهلال النفطي خلال الفترة من 2011م إلى 2017م، دمرت تسع خزانات تدميراً كاملاً، سبع خزانات ذات السعة 323000 برميلاً وخزانان بسعة 500000برميل. بينما أُصيبت ثلاثة خزانات بأضرار طفيفة هي الخزان رقم (5) بسعة 323000 برميل، والخزانان رقم (18) ورقم (19) بسعة 500000 برميل، وهذه الخزانات الثلاثة مازالت تستغل أحياناً في التخزين بنسبة 75% من سعتها التخزينية،  وقامت شركة الواحة التي تدير الميناء بتكليف أحد الشركات لصيانة 5 خزانات، كما يجري حالياً العمل على إنشاء عدادات جديدة للميناء، بسبب تعطل العدادات القديمة([19]). والشكل رقم (4) عبارة عن صورة جوية تبين خزانات الميناء، ويمكن تمييز الخزانات المدمرة بوضوح من خلال لونها المائل للسواد.

شكل (4) صورة جوية لخزانات النفط الخام بميناء السدرة النفطي.

المصدر: www. Google earth .com.    . تاريخ الدخول 25/10/2021م.

رابعاً: المجال الأرضي والمجال البحري لميناء السدرة النفطي (الظهير والنظير):

1-     المجال الأرضي للميناء (الظهير Hinterland):

يعرّف الظهير بأنّه منطقة من الأرض منظمة ومتطورة ذات أنشطة اقتصادية غنية ومتنوعة، بحيث تمد الميناء بمعظم الصادرات، كما تستهلك فيها معظم واردات الميناء، وترتبط بالميناء بشبكة جيدة من الطرق، وكلما ارتفعت وتنوعت القيمة العمرانية والاقتصادية لمنطقة الظهير كلما ازداد التبادل التجاري بالميناء([20]). ويعد تحديد الظهير لأي ميناء تحديداً دقيقاً أمراً في غاية الصعوبة؛ وذلك للتداخل والتشابك بين ظهيرات الموانئ، ولا يستثنى من ذلــك إلّا الموانئ المتخصصة في التعامل مع سلعة واحدة، كالموانئ النفطية مثلاً، حيث يمكن تحديد ظهيرها تحديداً دقيقاً.

يضم الظهير التصديري لميناء السّدرة النفطي مجموعة كبيرة مـن الحقول التي تتقارب وتتداخل مع حقول الموانئ الأخرى، وقد تمّ ربط هذه الحقول بميناء السّدرة بواسطة ثلاثة خطوط رئيسة، حيث يربط الخط الأول حقول جالو، الواحة، ضيفة، زقوط، ويبلغ طوله 462 كيلومتراً، أمّا الخط الثاني فيربط بين حقول بالحيظان، وسماح، والظهرة، ويبلغ طوله 343.2 كيلومتراً، ويربط الخط الثالث حقل الباهي بميناء السّدرة، ويصل طوله إلى 136كيلومتراً، والجدول رقم (1) والشكل رقم (6) يوضحان حقول النفط وخطوط الأنابيب التي تربطها بميناء السدرة النفطي.

ونظراً لعدم وجود رقابة من حكومات العهد الملكي على الشركات الاجنبية العاملة في قطاع النفط، ورغبة كل شركة بأنْ يكون لها ميناؤها الخاص، وخطوط أنابيبها الخاصة، أدى ذلك إلى كثرة الموانئ النفطية وقربها من بعضها في خليج سرت([21])، في الوقت الذي كانت فيه حقول هذه الشركات متناثرة، وليست مجتمعة بجوار بعضها، أدى هذا كله إلى تقاطع مسارات خطوط الأنابيب، وزيادة طول بعضها كثيراً عن المسافــة الحقيقية بين الحقول التي تخدمها وخط الساحـــل، فعلى الرغم من أنّ حقل جالو لا يبعد سوى 30 كيلو متر تقريباً عن خطوط الأنابيب التي تربط الحقول المتناثرة في أوجلة بمينائي الزويتينة ورأس لانوف، إلّا أنّ شركــة أويزيس الأمريكية (الواحة) فضّلت إقامة مينائها الخاص في السدرة، ومدّ خطوط أنابيبها من الحقل إلى ميناء السدرة بطول 462كم.

شكل (5) المجال الأرضي لميناء السدرة النفطي.

  المصدر: مصلحة المساحة، الأطلس الوطني للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية، طرابلس، 1978م، ص76.

جدول (1) خطوط الأنابيب التي تربط بين حقول النفط بميناء السدرة النفطي.

خطوط الأنابيب

الطول (كم)

القطر (بوصة)

جالو  الواحة

151.7

30

ضيفة  الواحة

33.1

30

الواحة  زقوط

43

24

زقوط  ميناء السدرة

269.7

24

بالحيظان  سماح

10

16

زقوط  سماح

35

24

سماح  الظهرة

194.2

32

الظهرة  ميناء السدرة

139

30

باهي  ميناء السدرة

136

30

  المصدر: حسين مسعود أبومدينة، الموانئ الليبية، دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، منشورات جامعة السابع من أكتوبر، مصراتة، ط2، 2008م، ص336.

2-     المجال البحري للميناء (النظير Foreland):

يمكن تعريف المجال البحري (النظير) بأنّه تلك المناطق من اليابس التي تتصل بالميناء بواسطة السفن المحيطيةOcean Carriers ([22])، وهو كنقيض لمعنى الظهير فإنّه ينطبق على المناطق التي تتبادل البضائع مع الميناء عبر البحار والمحيطات؛ أي أنّ البضائع التي تُصّدر من الميناء أو تصل إليه بواسطة السفن المحيطية، وتُعد دراسة النظير من الأمور المهمة التي تبرز لنا مدى العلاقة بين الميناء والعالم الخارجي، والتوجه الجغرافي للميناء من خلال صادراته أو وارداته، أو الاثنين معاً، ومدى امتداد نفوذ الميناء وتأثيره. ويمكن تحديد النظير بعدة طرق منها تحديده على أساس عدد خطوط السفن، أو مكان بدء الرحلة ونهايتها، كما يعدّ صافى الحمولة بالطن، واتجاهاتها، ومصادرها من أهم الطرق المستخدمة في تحديد المجال البحري؛ ونظراً لعدم تمكن الباحث من الحصول على بيانات عن الجهات التي يصدر إليها النفط الخام من ميناء السدرة النفطي سنعتمد على بيانات مصلحة الإحصاء والتعداد والتي تبين الجهات التي تذهب إليها صادرات ليبيا عموماً، والذي يمثل النفط الخام أكثر من 98% من إجمالي الصادرات الليبية.

فمن خلال الجدول رقم (2) الذي يبين نسبة الصادرات الليبية لأهم الدول المصدر إليها خلال عامي 2008م و2018م يتضح الآتي:

- أنّ الأغلبية العظمى من النفط الليبي تجد سـوقها الطبيعية في القارة الأوروبية، حيث بلغت نسبة ما استوردته تلك البلاد 78.9 % و 64.8 % من جملة الصادرات الليبية خلال عامي 2008م  و2018م على الترتيب، ويرجع ذلك إلى قرب ليبيا من الدول الأوروبية، وارتباط الشركات المنتجة للنفط الليبي بالسوق الأوروبية، كما يعود ذلك إلى طبيعة ونوعية النفط الليبي، فهو على عكس نفط الخليج من النوع الخفيف الذي تقـل فيه نسبة زيوت الوقود، وترتفع فيه نسبة المقطرات الخفيفة، كما أنّه غني بنسبــة الشمع، ويكاد يخلو من الكبريت الذي يسبب تلوثاً خطيراً عند الاستعمال([23]).

- تأتى إيطاليا في المرتبة الأولى رغم انخفاض نسبة الكمية المصدرة إليها، حيث بلغت 44.6 % و 33.6 % من جملة الصادرات الليبية خلال عامي 2008م و2018م على الترتيب، أمّا فرنسا فقد تراجع ترتيبها من الثاني سنة 2008م إلى الرابع سنة 2018م حيث بلغت نسبة ما صُدّر إليها في تلك السنتين 9.9 % و 9.6 % بحسب الترتيب، كما تراجعت ألمانيا بشكل واضح في قائمة الدول المستوردة للنفط الليبي، فبعد أنْ كان ترتيبها الثالث سنة 2008م  أصبح ترتيبها السادس عشر سنة 2018م، حيث انخفضت نسبتها من 8.2% إلى 0.8%. كما تراجعت نسبة الولايات المتحدة من 5.8% إلى 3.2% وبذلك تراجع ترتيبها من الرابع سنة 2008م إلى السادس سنة 2018م.

- زادت نسبة ما صدرته ليبيا إلى الصين من 4.3% سنة 2008م إلى 16.6% سنة 2018م، وبذلك تقدم ترتيبها من السادس إلى الثاني. كما تقدم ترتيب إسبانيا من الخامس إلى الثالث، حيث زادت نسبتها من 5.6% إلى 10.1%، 

- تأتى الإمارات في المرتبة الخامسة سنة 2018م بنسبة 3.4%، بينما لم تكن في قائمة الدول المصدر إليها سنة 2008م.

- انخفضت نسبة ما استوردته بريطانيا قليلاً في سنة 2018م عمّا كانت عليه سنة 2008م، حيث انخفضت النسبة من 3.1 % إلى 2.7  %من جملة الصادرات الليبية، كما تراجع ترتيبها من السابع إلى الثامن.

- شكلت بقية واردات بقية الدول (البرازيل البرتغال وهولندا وتونس واليونان والهند وكندا واندونيسيا وسويسرا وتركيا) نسباً منخفضة لا تزيد عن 3 % من جملة الصادرات الليبية، وذلك خلال سنة 2008م، أمّا في سنة 2018م فقد اختفت البرازيل والبرتغال وتونس والهند وكندا واندونيسيا وسويسرا من قائمة الدول المستوردة للنفط الليبي، كما ظهرت بعض الدول في قائمة الصادرات الليبية سنة 2018م وبنسب لا تزيد عن 2.5% وهي ماليزيا وسنغافورة والدانمارك وتايلاند والسويد. 

جدول (2) نسبة الصادرات الليبية لأهم الدول المصدر إليها

خلال عامي 2008م و2018م.

ر. م

الدول المصدر إليها

2008م

(%)

الترتيب

2008م

2018م

 (%)

الترتيب

 2018م

1

إيطاليا

44.6

1

33.6

1

2

فرنسا

9.9

2

9.6

4

3

ألمانيا

8.2

3

0.8

16

4

الولايات المتحدة الامريكية

5.8

4

3.2

6

5

إسبانيا

5.6

5

10.1

3

6

الصين

4.3

6

16.6

2

7

بريطانيا

3.1

7

2.7

8

8

البرازيل

3

8

00

-

9

البرتغال

2.9

9

00

-

10

هولندا

2.7

10

2.7

9

11

تونس

2.1

11

00

-

12

اليونان

1.2

12

3.1

7

13

الهند

1.0

13

00

-

14

كندا

0.9

14

00

-

15

اندونيسيا

0.7

15

00

-

16

سويسرا

0.7

16

00

-

17

تركيا

0.6

17

1.0

13

18

الامارات العربية المتحدة

00

-

3.4

5

19

ماليزيا

00

-

2.5

10

20

سنغافورة

00

-

2.0

11

21

الدانمارك

00

-

1.3

12

22

تايلاند

00

-

0.9

14

23

السويد

00

-

0.9

15

24

دول أخرى

2.7

-

5.6

-

-

المجموع

100

-

100

-

المصدر:

1- الهيئة العامة للمعلومات، ملخص احصاءات التجارة الخارجية 2008م، طرابلس، بدون تاريخ طبع، ص (ز).

2- وزارة التخطيط، مصلحة الاحصاء والتعداد، احصاءات التجارة الخارجية 2018م، طرابلس، بدون تاريخ طبع، ص (ط).

خامساً: حركة صادرات النفط الخام بالميناء:

يتم تصدير النفط الخام عن طريق ست موانئ على طول الساحل الليبي هي: الحريقة، والزويتينة، والبريقة، ورأس لانوف، والسّدرة، والزاوية، بالإضافة إلى ميناء حقل البوري البحري، وقد بدأت ليبيا تصدير النفط في شهر سبتمبر 1961م، حيث صدرت أول شحنة عن طريق ميناء البريقة، وفي السنة التالية افتتح ميناء السدرة النفطي؛ وصدّرت منه أول شحنة في شهر يونيو 1962م. ثم توالت الاكتشافات وزادت الكميات المصدرة، حتى أصبحت ليبيا ثاني الدول العربية المصدرة للنفط بعد السعودية في عام 1969م. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ ميناء السدرة النفطي تربع على المركز الأول منذ عام 1969م وحتى الوقت الحاضر (2021م)، وقبل هذا التاريخ كان في المركز الثاني بعد ميناء البريقة، وتتراوح نسبة مساهمته في صادرات النفط الخام ما بين 25.52% و38.01% خلال عامي 1969م  1984م على الترتيب([24]).  

وبتتبع حركة الصادرات بميناء السدرة النفطي خلال الفترة من 1962م إلى 2010م، والموضحة في الجدول رقم (3) والشكلان رقم (7) ورقم (8) يتضح أنّ صادرات النفط الليبي عموماً مرت بثلاثة مراحل رئيسة هي: المرحلة الأولى في الفترة الممتدة من 1962- 1970م، والمرحلة الثانية المحصورة بين 1971م و 2010م، والمرحلة الثالثة خلال الفترة الممتدة من 2011م وحتى الوقت الحاضر (2021م).

- المرحلة الأولى (1962م-1970م): وهي مرحلة الزيادة السريعة منذ بدء التصدير عام 1962م وحتى عام 1970م، حيث ارتفعت كمية الصادرات من 19.5 مليون برميل إلى ما يزيد عن 343 مليون برميل بحسب الترتيب، محققة بذلك زيادة سريعة وفي فترة قصيرة لم تجاوز التسع سنوات، ويمكن تعليل هذا النمو السريع لصادرات الميناء وصادرات ليبيا من النفط الخام في هذه الفترة إلى عدة أسباب، نوجزها في الآتي:-

1- قرب ليبيا من دول السوق الأوروبية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من النفط كمصدر للطاقة، وكمادة خام لصناعتها الكبيرة.

2- الموقع الجغرافي لليبيا، فالموقع غرب قناة السويس أعفى النفط الليبي من دفع رسوم إضافية نظير مروره من القناة، كما حرّره من أخطار التوقف في حالة غلـق القناة.

3- رغبة الشركات والحكومة الليبية آنذاك في زيادة الإنتاج والتصدير، وهذا ما أكده تصريح وزير النفط الليبي عام 1965م، الذي جاء فيه "ليبيا البلـد البترولي الناشئ، لا يقبل إملاء سياسة التقنية عليه، قبل أنْ يصل إلى المرتبة الإنتاجيـة المؤملة، والتي لا يستبعد أنْ تكون الثالثة في العالم المصدر خارج روسيا وأمريكـا، وحتى ذلك الحين سوف لـن نحدد إنتاجنا على أساس احتياطينا في الأراضي، بل احتياطينا في البنوك "([25]) .

- المرحلة الثانية (1971م-2010م): مرحلة انخفاض الصادرات بعد عام 1970م، حيث انخفضت الصادرات إلى أقل كمية لها (64 مليون برميـل) في عام 1979م، وهو ما يعادل 18.6% من حجم صادرات الميناء عام 1970م، ثم بدأت صادرات الميناء في التذبذب بين زيادة وانخفاض بحيث بلغت 134 مليون برميل في عام 2010م، ويعود هذا الانخفاض والتذبذب إلى عدة أسباب أهمها: اتباع النظام السابق في مطلع السبعينيات لسياسة تخفيض تصدير النفط، وتبني سياسة رفع أسعار النفط لكي تعوض النقص في كمية الصادرات، وكذلك تدهور أسواق النفط العالمية مع بداية الثمانينيات، ولذلك أصبحت منظمة الأوبك تقوم بتحديد حصص الإنتاج لكل عضو من أعضاء المنظمة، وفقاً لمتطلبـات السوق العالميـة؛ لكي تحافظ على سعر مناسب بعد أنْ تدهورت أسعار النفط.

- المرحلة الثالثة (2011م- 2021م): اتسمت هذه المرحلة بعدم الاستقرار في منطقة الهلال النفطي، حيث أُغلقت الموانئ النفطية، وتوقف تصدير النفط لمدة ثلاث سنوات في الفترة الممتدة من 25 يوليو 2013م إلى سبتمبر 2016م، كما شهدت الموانئ النفطية عدة اشتباكات في الأعوام الممتدة من  2014  إلى 2017م أدت إلى توقف تصدير النفط وتدمير بعض بمنشآتها. ويمكن القول إنّ تصدير النفط بميناء السدرة النفطي انتظم منذ عام 2018م، حيث يتم تصدير حوالي 300 ألف برميل يومياً([26])، أي ما يعادل 108 مليون برميل في السنة، وهو ما يعادل 80% من الكمية المصدرة من الميناء عام 2010م. 

جدول (3) كمية صادرات ميناء السدرة النفطي من النفط الخام

خلال الفترة من 1962- 2010م.

السنة (1)

الكمية

(ألف برميل)

السنة (1)

الكمية

(ألف برميل)

السنة (2)

الكمية

(ألف برميل)

1962

19535

1975

183271

2000

102333

1963

61909

1976

243877

2001

108717

1964

135621

1977

240104

2002

80722

1965

184376

1978

66135

2003

118413

1966

237408

1979

64162

2004

139581

1967

228995

1980

213920

2005

136153

1968

250572

1981

118065

2006

132298

1969

286002

1982

166000

2007

137070

1970

343990

1983

156000

2008

134145

1971

300734

1984

153000

2009

131567

1972

285772

1985

143000

2010

134262

1973

281229

1986

153000

-

-

1974

201862

-

-

-

-

المصدر: 1- حسين مسعود أبومدينة، الموانئ الليبية دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، منشورات جامعة السابع من أكتوبر، مصراتة، ط2، 2008م، ص342.

2- ريم عبدالصادق الزوي، أهمية ميناء الزويتينة النفطي ودوره في تصدير النفط والغاز، دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، قسم الجغرافيا، الاكاديمية الليبية فرع بنغازي، 2017م، ص108. 

شكل (7) صادرات النفط الخام بميناء السدرة النفطي خلال الفترة من 1962-1986م

المصدر: من عمل الباحث اعتماداً على الجدول رقم (3).

شكل (8) صادرات النفط الخام بميناء السدرة النفطي خلال الفترة من 2000- 2010م.

المصدر: من عمل الباحث اعتماداً على الجدول رقم (3).

سادساً: الخاتمة:

ويمكن أن نجمل أهم النتائج والتوصيات التي توصل إليها الباحث على النحو الآتي:

1- النتائج:

ساهمت مجموعة من العوامل الجغرافية في اختيار موقع الميناء وموضعه الحالي أهمها: قربه من حقول النفط في حوض سرت والأعماق المناسبة لمياه خليج سرت، ووجود نتوء صخري استغل لبناء ميناء ساحلي لإرساء قوارب القطر والإرشاد. كذلك وجود هضبة صخرية إلى الجنوب من الميناء بحوالي 8 كم يصل ارتفاعها إلى 73 متراً استغلت لبناء خزانات النفط الخام فوقها. 

- تبيّن من خلال البحث أنّ الأمواج والرياح هي الظروف الطبيعية الأكثر تأثيراً على تشغيل الميناء، فقد بلغت عدد أيام اقفال الميناء بسببها 12يوماً و13 ساعة في سنة 2020م، وأنّ أكبر عدد لساعات التوقف عن العمل بميناء السدرة النفطي كانت في أشهر الخريف والشتاء، حيث بلغت أعلاها في شهر يناير 6.7 يوم (161ساعة)، ثم شهر ديسمبر 3 أيام (73 ساعة)، وفي شهر نوفمبر يومان وأربع ساعات، وفي شهر أكتوبر 15 ساعة.

- أمكن تحديد المجال الأرضي لميناء السدرة النفطي بكل سهولة، وذلك بتتبع خطوط الأنابيب التي تربط الميناء بحقول النفط، لكون الميناء متخصص في تصدير النفط الخام فقط.

- أوضح البحث أثر الظروف السياسية على صادرات الميناء، حيث تتراجع كمية الصادرات في الأزمات السياسية، فقد انخفضت كمية الصادرات بصورة واضحة بعد سنة 1970م، بسبب اتباع النظام السابق في مطلع السبعينيات لسياسة تخفيض تصدير النفط، وتبني سياسة رفع أسعار النفط لكي تعوض النقص في كمية الصادرات، كما أنّ حال عدم الاستقرار التي تعيشها ليبيا بعد سنة 2011م، أدت إلى اغلاق الموانئ النفطية وتوقف تصدير النفط لمدة ثلاث سنوات في الفترة الممتدة من 25 يوليو 2013م إلى سبتمبر 2016م، كما شهدت الموانئ النفطية عدة اشتباكات في الأعوام الممتدة من  2014  إلى 2017م أدت إلى توقف تصدير النفط بميناء السدرة وتدمير بعض بمنشآته.

2- التوصيات:

- زيادة الاهتمام بالميناء وتطويره، وتشجيع الدراسات والأبحاث التي تساهم في  تطوير الميناء وايجاد الحلول للمشكلات التي تعترضه.

- صيانة الأرصفة العاطلة عن العمل والاهتمام بالصيانة الدورية لمنشآت الميناء.

- وضع الخطط المستقبلية لاستغلال المقومات الطبيعية للموضع بمنطقة الميناء، والتي تسمح بتوطين صناعة تكرير النفط والصناعات البتروكيميائية في المنطقة، مما يسهم في تخفيف مشكلة البطالة المتفاقمة في ليبيا.

- إنشاء محطة بحرية لرصد الأمواج والتيارات البحرية والمد والجزر داخل الميناء وخارجه، حتى تتوفر البيانات البحرية الدقيقة التي تساعد إدارة الميناء في تشغيل الميناء بشكل آمن.

المصادر والمراجع:

1- جمال حمدان، بترول العرب، دراسة في الجغرافية البشرية، دار المعرفة، القاهرة، 1964م.

2- حسين مسعود أبو مدينة، الموانئ الليبية دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، رسالة ماجستير (منشورة)، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1995م.

3- حسين مسعود أبو مدينة، الموانئ الليبية دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، منشورات جامعة السابع من أكتوبر، مصراتة، ط2، 2008م.

4- حسين مسعود أبو مدينة، ميناء الزويتينة النفطي، دراسة في جغرافية النقل، مجلة العلوم الإنسانية، مجلة علمية محكمة (نصف سنوية) تصدر عن كلية الآداب زليتن، الجامعة الأسمرية، العدد 28، يونيو 2016م.

5- رابعة محمد الأمجد، التحليل المكاني للموانئ النفطية في الجماهيرية (موانئ الزويتينة والزاوية والبريقة): الوضع الحالي والآفاق المستقبلية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة السابع من أبريل، الزاوية، 2010م.

6- ريم عبد الصادق الزوي، أهمية ميناء الزويتينة النفطي ودوره في تصدير النفط والغاز، دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، قسم الجغرافيا، الأكاديمية الليبية فرع بنغازي، 2017م

7- دولة ليبيا، مصلحة الموانئ والنقل البحري، طرابلس، بيانات عن ميناء السدرة النفطي منشورة بصيغة (pdf) على الموقع الألكتروني للمصلحة، تاريخ الدخول 4 نوفمبر 2021م:   https://www.lma.ly/ta3memat/sidra1.pdf

8- سعد قسطندي ملط، الموانئ النفطية في الجمهورية العربية الليبية، المؤتمر الجغرافي الأول، كلية الآداب، جامعة بنغازي، 1975م، (غير منشور).

9- فاروق كامل عز الدين، جغرافية النقل في ليبيا، رسالة دكتوراة (غير منشورة)، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1976م.

10- محمد المبروك المهدوي، جغرافية ليبيا البشرية، منشورات جامعة قاريونس، بنغازي، ط3، 1998م .

11- مركز بحوث الأحياء البحرية، أطلس البحر المتوسط، طرابلس، 2005م.

12- مصلحة المساحة، الأطلس الوطني للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية، طرابلس، 1978م.

13- مقابلة شخصية مع م/عامر صلاح التركي، رئيس قسم الشؤون البحرية بميناء السدرة النفطي، بتاريخ 8/11/2021م.

14- مقابلة شخصية مع السيد/ علي أبوبكر الورفلي، رئيس قسم حركة الزيت بميناء السدرة النفطي، يوم الاثنين الموافق 8/11/2021م.

15- مقابلة شخصية مع م/ محمود محمد الشاوش، مراقب عمليات ميناء السدرة النفطي، يوم الاثنين الموافق 8/11/2021م.

16- ميناء السدرة النفطي، قسم حركة الزيت، بيانات غير منشورة.

17- الهيئة العامة للمعلومات، ملخص إحصاءات التجارة الخارجية 2008م، طرابلس، بدون تاريخ طبع.

18- وزارة التخطيط، مصلحة الإحصاء والتعداد، إحصاءات التجارة الخارجية 2018م، طرابلس، بدون تاريخ طبع.

19- British Admiralty , Mediterranean Pilot , sixth  edition , Hydrographer of the Navy,  London, 1988.

20- British Admiralty, , chart, 3344, Taunton , 1992

21- Quinn. A.D. Design and Construction of Ports and Marine Structures, Second Edition. Mc Graw Hill Book Company, New York, 1972.  

22- Weigend. G.G. “Some Elements in the Study of Ports Geography”, Geographical Review ,

VOL . 68 , April 1958.   



 ([1])سعد قسطندي ملط، الموانئ النفطية في الجمهورية العربية الليبية، المؤتمر الجغرافي الأول، كلية الآداب، جامعة بنغازي، 1975م، (غير منشور).

([2]) حسين مسعود أبومدينة، الموانئ الليبية دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، رسالة ماجستير (منشورة)، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1995م.

[3])) رابعة محمد الأمجد، التحليل المكاني للموانئ النفطية في الجماهيرية (موانئ الزويتينة والزاوية والبريقة): الوضع الحالي والآفاق المستقبلية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة السابع من أبريل، الزاوية، 2010م.

([4]) حسين مسعود أبومدينة، ميناء الزويتينة النفطي، دراسة في جغرافية النقل، مجلة العلوم الإنسانية، مجلة علمية محكمة (نصف سنوية) تصدر عن كلية الآداب زليتن، الجامعة الأسمرية، العدد 28، يونيو 2016م.

([5]) ريم عبد الصادق الزوي، أهمية ميناء الزويتينة النفطي ودوره في تصدير النفط والغاز، دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، قسم الجغرافيا، الأكاديمية الليبية، فرع بنغازي، 2017م.

([6]) دولة ليبيا، مصلحة الموانئ والنقل البحري، طرابلس، بيانات عن ميناء السدرة النفطي منشورة بصيغة (pdf) على الموقع الألكتروني للمصلحة، ص2،  تاريخ الدخول 4 نوفمبر 2021م:

 https://www.lma.ly/ta3memat/sidra1.pdf

([7]) محمد المبروك المهدوي، جغرافية ليبيا البشرية، منشورات جامعة قاريونس، بنغازي، ط3، 1998م، ص296.

([8]) مركز بحوث الأحياء البحرية، أطلس البحر المتوسط، طرابلس، 2005م، ص 66.

([9]) British Admiralty , Mediterranean Pilot , sixth  edition , Hydrographer of the Navy,  London, 1988 . p76 .

([10]) مقابلة شخصية مع م/عامر صلاح التركي، رئيس قسم الشؤون البحرية بميناء السدرة النفطي، بتاريخ 8/11/2021م.

([11]) دولة ليبيا، مصلحة الموانئ والنقل البحري، طرابلس، مرجع سبق ذكره، ص3.

([12]) دولة ليبيا، مصلحة الموانئ والنقل البحري، طرابلس، مرجع سبق ذكره، ص3.

([13]) Quinn. A.D. Design and Construction of Ports and Marine Structures, Second Edition. Mc Graw Hill Book Company, New York, 1972, P. 30.

([14]) دولة ليبيا، مصلحة الموانئ والنقل البحري، طرابلس، بيانات عن ميناء السدرة النفطي منشورة بصيغة (pdf) على الموقع الالكتروني للمصلحة، مرجع سبق ذكره.

([15]) ميناء السدرة النفطي، قسم حركة الزيت، بيانات غير منشورة.

([16]) مقابلة شخصية مع م/عامر صلاح التركي، رئيس قسم الشؤون البحرية بميناء السدرة النفطي، يوم الاثنين الموافق 8/11/2021م.

([17]) مقابلة شخصية مع السيد/ علي أبوبكر الورفلي، رئيس قسم حركة الزيت بميناء السدرة النفطي، يوم الاثنين الموافق 8/11/2021م.

([18]) فاروق كامل عزالدين، جغرافية النقل في ليبيا، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1976م، ص332.

([19]) مقابلة شخصية مع السيد/ علي أبو بكر الورفلي، رئيس قسم حركة الزيت بميناء السدرة النفطي، يوم الاثنين الموافق 8/11/2021م.

([20] Weigend. G.G. “Some Elements in the Study of Ports Geography”, Geographical Review , VOL . 68 , April 1958. pp.192-193.    

([21]) محمد المبروك المهدوي، مرجع سبق ذكره، ص ص288-289.

([22]) Weigend , G. G, op. cit., p. 195.

([23]) جمال حمدان، بترول العرب، دراسة في الجغرافية البشرية، دار المعرفة، القاهرة، 1964م، ص ص 97 – 100.

([24]) حسين مسعود أبو مدينة، الموانئ الليبية دراسة في الجغرافيا الاقتصادية، مرجع سبق ذكره، ص ص249-252.

 ([25])محمد المبروك المهدوي، مرجع سبق ذكره، ص 316.

([26]) مقابلة شخصية مع المهندس/ محمود محمد الشاوش، مراقب عمليات ميناء السدرة النفطي، بتاريخ 8 نوفمبر 2021م.



تحميل البحث


drive.google-download


اطلاع وتحميل البحث


drive.google



تحميل البحث من linkedin


linkedin


👇


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-