الكتل والجبهات الهوائية - د. نادر محمد صيام، بحث علمي كامل

 

 الكتل والجبهات الهوائية - د. نادر محمد صيام، بحث علمي كامل



تهب الرياح على سطح الكرة الأرضية على شكل كتل هوائية ضخمة تعبر العروض الجغرافية حاملة معها الطاقة الحرارية والرطوبة.وتعرف الكتل الهوائية بأنها"قسم ضخم من الهواء المتجانس في صفاته الحرارية والطوبة أفقيا في كل مستوياته من سطح الأرض وحتى قمته"ومن هذه الكتل الهوائية ما يبلغ حدا من الضخامة العظيمة فيصل ارتفاعها حتى التروبوبوز شاغلة كل طبقة التروبوسفير من الغلاف الجوي.

عادة،تصنف الكتل الهوائية وفقا لعاملين أساسيين يحددان اتجاهها وطبيعتها الفيزيائية وهما:أولا:اتجاه الكتل الهوائية وثانيا:أقاليم مصادرها.

أولا-اتجاه الكتل الهوائية:

يشير اتجاه الكتل الهوائية إلى الاتجاه الذي تأتي منه هذه الكتل فمثلا،فان الكتل الهوائية الشمالية،تتحرك من الشمال باتجاه الجنوب،والشرقية من الشرق باتجاه الغرب وهكذا.ويساعد تحديد الكتل الهوائية على معرفة الكثير من خصائصها الفيزيائية والحرارية والرطوبة وذلك مما يساعد على تحديد حالات الطقس المصاحبة لها,

ثانيا:إقليم المصدر:

يظل إقليم المصدر العامل الأساسي والأكثر تأثيرا في تحديد خصائص الكتل الهوائية.والحقيقة أن تصنيف الكتل الهوائية وفقا لأقاليم مصادرها يتضمن بشكل غير مباشر تصنيفها وفقا لاتجاهها.

يعرف إقليم المصدر بأنه "إقليم جغرافي كبير تتشكل فوقه الكتل الهوائية وتهب منه حاملة صفاته الحرارية والرطوبة إلى الأقاليم الجغرافية الأخرى",وتكتسب الكتل الهوائية صفات السطح الجاثمة فوقه عن طريق عمليات التبادل الحراري والخلط العامودي التي تسعى إلى إيجاد توازن بين صفات السطح والهواء الجاثم فوقه،فكلما طالت مدة مكوث الكتل الهوائية فوق إقليم مصدرها كلما زاد اكتسابها لصفاته.وفي كل الأحوال تحتاج الكتل الهوائية مدة تتراوح بين ثلاثة وسبعة أيام ليتكون نوع من التوازن بين صفاتها وصفات سطح إقليم مصدرها.ولكي تتكون كتل هوائية ضخمة عميقة ذات صفات متجانسة متميزة قوية،يجب أن يكون إقليم مصدرها واسعا منبسطا،سطحه متجانس التركيب ،تسود عليه حركات هوائية انفجارية سطحية(Divergent surface flow) بطيئة،لذلك تشكل العروض الجغرافية التي تسود عليها الضغوط الجوية المرتفعة،مثل السهول القطبية،والصحراوات والمحيطات شبة المدارية مواقعا مثالية لتكوين أقاليم مصدر جيدة،بينما،بسبب التباينات الحرارية والرطوبة الكبيرة وتردد الضغوط المنخفضة التي تجذب الكتل الهوائية إليها،فان العروض الوسطى ليست مهيأة لأن تكون أقاليم مصدر جيد.لكنها تشكل نطاقا انتقاليا تعبره كتل هوائية من مختلف الأجناس والأقاليم.

عالميا،يوجد أربعة أقاليم مصدر للكتل الهوائية في كل من نصفي الكرة الأرضية(الشكلان 1و2) وهي:الأقليم القطبي (Polar Region)وإقليم الحوض القطبي الشمالي (Arctic     Region) وإقليم القارة القطبية الجنوبية(Antarctic Region)والإقليم المداري (Tropical Region)بالإضافة إلى الإقليم الاستوائي (Equatorial Region).

ويشار إلى كل من هذه الأقاليم بالحرف الأول الكبير من اسمه فمثلا،يدل الحرف(P)على الإقليم القطبي والحرف(T)على الإقليم المداري وهكذا.وتحمل الكتل الهوائية أسماء أقاليم مصادرها.

ووفقا لطبيعة سطح إقليم المصدر،تختلف طبيعة الكتل الهوائية،فإذا كان إقليم المصدر بحرا كانت الكتل الهوائية بحرية رطبة،وفي هذه الحالة يضاف حرف   (m)الصغير المأخوذ من بداية كلمة (Maritime)،التي معناها بحري،إلى يسار حرف اسم المصدر.وإذا كان إقليم المصدر قارة فتكون الكتل الهوائية جافة،فيضاف إلى يسار حرف اسم المصدر حرف C الصغير المأخوذ من بداية كلمة      (Continental) التي معناها قاري.فعلى سبيل المثال فان (mp) تعني كتلة هوائية قطبية (p)بحرية(m)،و(CT)تدل على كتل هوائية مدارية(T)قارية(c).

بعد أن تشكل الكتل الهوائية،تظل لبعض الوقت في أقاليم مصادرها،لكنها لا تلبث وأن تتحرك تحت تأثير حركة الرياح العلوية،مبتعدة عنها.وأثناء تحركها فإنها ستمر على سطوح متباينة الحرارة مع حرارتها.فإذا كانت الكتل الهوائية أبرد من السطح الذي تهب فوقه،فتدعى كتلة هوائية باردة،ويضاف في هذه الحالة حرف(k)الصغير المأخوذ من بداية كلمة(kalt)الألمانية والتي معناها بارد إلى يمين حرف اسم المصدر.أما إذا كانت الكتل الهوائية أدفأ من السطح الذي تعبر فوقه،فتشكل كتلة هوائية حارة،ويضاف في هذه الحالة إلى يمين حرف اسم مصدرها الحرف(w)الصغير المأخوذ من كلمة (Warm)الانجليزية التي معناها دافئ.ممثلا فان (cpk)تدل على كتل هوائية قطبية (p)قارية (c)باردة (k)،و(mTw)تدل على كتلة هوائية مدارية (T)بحرية(m)دافئة(w).

عندما تمر كتلة هوائية باردة فوق سطح أدفأ منها،تتسخن قاعدتها بالتماس،فيؤدي ذلك إلى تدرج حراري شديد وعدم استقرار في مستوياتها الدنيا فتزداد الحركات الحملانية وحركات الخلط الاضطرابية قرب سطح الأرض فتجعل مجال الرؤيا جيدا،وتشكل بعض الغيوم المنخفضة في مستوياتها الأعلى وتؤدي إلى هطول زخات مطرية أو ثلجية.لكن إذا كانت الكتل الهوائية حارة،تمر فوق سطح أبرد منها,تتبرد قاعدتها بالتماس،مما يؤدي الى حالة استقرار جوي وتشكل انقلاب حراري منخفض،يساعد على تراكم الغبار والدخان والجسيمات التي تجعل مجال الرؤيا ضعيفا.وإذا كانت الكتلة الهوائية رطبة،قد يتشكل الضباب.استنادا الى إقليم المصدر وتباين طبيعة سطحه يمكن أن تصنف الكتل الهوائية الى :

كتل هوائية قطبية (p)وتقسم الى كتل هوائية قطبية قارية باردة(cpk)وكتل قطبية بحرية باردة(mpk).

كتل هواء الحوض القطبي الشمالي والقارة القطبية الجنوبية (A).وبما أنها تهب من مساحات مغطاة بالجليد فتكون شديدة البرودة جافة (CA).والحقيقة أن هذه الكتل هي الأجزاء شديدة البرودة من الكتل الهوائية القطبية الباردة ولها الميزات نفسها،ويصعب التمييز بينها فغالبا تدمج معها.

كتل هوائية مدارية(T):وتقسم الى كتل هوائية مدارية قارية حارة(cTm)وكتل هوائية مدارية بحرية دافئة  (mTw).

 كتل هوائية استوائية(E):وبما أن سطح الإقليم الاستوائي مكونا من بحار أو من غابات استوائية،فتظل هذه الكتل رطبة(mE).في الواقع تعد الكتل الاستوائية الجزء الأكثر رطوبة في الكتل الهوائية المدارية البحرية وغالبا يصعب التمييز بينها، فتدمجها بعض الدراسات مع بعضها البعض.

تختلف صفات الكتل الهوائية كثيرا مع اختلاف طبيعة أقاليم مصادرها،ووفقا لاختلاف الفصول أيضا.وفيما يلي أهم سمات هذه الكتل:

1) الكتل الهوائية القطبية(p):

الكتل الهوائية القارية القطبية(cpk):

يجدر بالذكر،أن هذا النوع من الكتل الهوائية يوجد في النصف الشمالي من الكرة الأرضية فقط،ويغيب في النصف الجنوبي منها،لعدم وجود أقاليم مصدر لها هناك،حيث تشكل القارة القطبية الجنوبية ورفوفها الجليدية إقليم مصدر للكتل الهوائية(cA)دائما في كل الفصول،ويعود ذلك لسيطرة المحيطات على العروض العليا،وإحاطتها من كل الجوانب بالقارة القطبية الجنوبية(الشكلان 1و2).

في فصل الشتاء(1)،تقع أقاليم مصادر هذه الكتل الهوائية(CPK)في وسط وشمال كندا وفي سيبيريا المغطاة بالجليد والثلوج،حيث تسود الضغوط الجوية المرتفعة القطبية حول درجتي العرض 50 و60 شمالا وسطيا.وبسبب ضالة الطاقة الشمسية الإشعاعية الحرارية (التشمس)الواصلة إلى هذه الأقاليم،وشدة الإشعاع السطحي المبرد(Surface Ra-diationalCooling) العائد إلى الفضاء،وازدياد نسبة البيدو (معامل انعكاسية السطوح للأشعة الشمسية) كل من سطح الجليد والثلج تتدنى،درجة حرارة الكتل الهوائية القارية القطبية (cPK)بشدة وعادة تقل عن (-10o) درجة مئوية،لكنها في بعض الحالات قد تهبط إلى (-40)مئوية،وهي لدلك جافة جدا تتراوح نسبة الخلط فيها"Mixing ratio"(كمية بخار الماء"غ" في "1مغ"من الهواء الجاف)بين 4و1غ/كغ.مع ذلك تتراوح رطوبتها النسبية بين 54%و06% أحيانا وبسبب برودة السطح الشديدة وحركات الهبوط الهوائية في مراكز الضغوط الجوية المرتفعة يسود خلال هذه الكتل الهوائية انقلابات حرارية على ارتفاعات قريبة من سطح الأرض قد تصل أحيانا إلى 200م فقط.لذلك لاتتشكل الغيوم في مثل هذه الشروط،لكن قد يحدث الضباب عندما تقل درجة الحرارة إلى حوالي(-40)درجة مئوية.

الكتل الهوائية القطبية البحرية(mPK):

تتشكل الكتل الهوائية (mPk)من تحول الكتل الهوائية(cPK)في النصف الشمالي من الكرة الأرضية والكتل الهوائية من القارة القطبية الجنوبية (cA)الشكلان (1و2)بعد مرورها بيوم أو يومين تحت تأثير الرياح العلوية فوق المحيطات المفتوحة في العروض العليا لكنها تظل أقل برودة مما كانت عليه.فأثناء عبورها فوق المحيطات تزداد درجة حرارة قاعدتها بواسطة التماس(Conduction)فتصل إلى حوالي 4 مئوية أحيانا وتزداد رطوبتها الى أن تناهز نسبة خلطها4,4غ/كغ فتصبح غير مستقرة مضطربة وتجري في أقسامها الدنيا حركات حمل هوائية تنقل الطاقة الحرارية والرطوبة باتجاه الأعلى،فتصل رطوبتها النسبية الى أكثر من 90%في طبقاتها الدنيا حتى ارتفاع 2,5 كم.وتظهر هذا الارتفاع طبقة الانقلاب الحراري الناتجة عن حركات الخفس الهوائية التي تجعل الهواء جافا ومستقرا.

وعندما تدخل هذه الكتل البحرية الى القارة الباردة يميل الطقس في فصل الشتاء الى الاعتدال،لذلك تعرف عندئذ بالكتل الهوائية القطبية البحرية الدافئة(mPw).

في فصل الصيف تتسخن القارات في العروض العليا فتذوب الثلوج ويذوب الجليد إلى عمق كبير نسبيا،فتتراجع أقاليم المصدر القطبية في كل من كندا وسيبيريا شمالا وتنحصر في أقصى العروض العليا.وتظل الكتل الهوائية المتشكلة هنا قطبية قارية باردة (cPk) لكنها أقل برودة وأقل استقرار بسبب تسخين أقسامها الدنيا،ويزيد التبخر من ماء الثلوج والجليد الذائبة رطوبتها،وتقل فيها شدة التدرج الحراري العامودي.وعندما تتوغل هذه الكتل الهوائية الباردة نحو الجنوب تخفف من قيظ حر الصيف في المناطق القارية التي تصل إليها.ويمكن القول أنها تشكل معدل للكتل الهوائية القطبية الشتوية.

عندما تعبر الكتل الهوائيةcPkوCA الصيفية فوق المحيطات تتحول إلى كتل هوائية (mPk)،لكن حرارتها ورطوبتها تكون أعلى إلى حد ما من مثيلاتها الشتوية وأكثر اضطرابا منها خاصة في مستوياتها الدنيا،وتظل جافة وباردة في مستوياتها العليا.يسود هذا النوع من الكتل الهوائية في خليج ألاسكا وشمال المحيط الأطلسي فقط في النصف الشمالي من الكرة الأرضية،وفوق كل المساحات المائية المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية(الشكل1و2).

كتل هواء الحوض القطبي الشمالي والقارة القطبية الجنوبية(A):

في الحقيقة تعد هذه الكتل الهوائية أجزاء من الكتل الهوائية القطبية،لكنها أشد برودة منها،لأن أقاليم مصدرها تشكل أبرد المواقع في العالم(الشكل 1).

في فصل الشتاء تسود على كل من الحوض القطبي الشمالي والقارة الجنوبية ككتل هوائية باردة جافة(cA)تبلغ درجة حرارتها حوالي -46م،ونسبة خلطها حوالي 0,1 غ/كغ ورطوبتها النسبية 70%لكنها عندما تعبر فوق المحيطات في العروض العليا والوسطى تتحول إلى كتل هوائية (mPk)،كما هو حال الكتل (cPk).

أما في فصل الصيف،بسبب ازدياد فترة التشمس وذوبان الجليد إلى أعماق محدودة تقل سماكة الكتل الهوائية في الحوض القطبي الشمالي وتتعدل صفاتها في مكانها وتتحول إلى كتل هوائية باردة بحرية،تعرف باسم كتل هواء الحوض الشمالي القطبي البحرية(mA)،(الشكل2)،وتشبه في صفاتها الكتل الهوائية القطبية الرطبة الباردة(mPk).

لكن في القارة القطبية الجنوبية تظل الأوضاع مستقرة صيفا شتاء وتظل أقاليم مصدر الكتل الهوائية(CA)في كافة الفصول.وعندما تعبر هذه الكتل فوق مياه المحيطات تتعدل صفاتها وتتحول إلى كتل هوائية (mPk)(الشكل 2)

الكتل الهوائية المدارية(T):

أ-الكتل الهوائية المدارية الجافة(cTw):في النصف الشمالي من الكرة الأرضية تتشكل الكتل الهوائية المدارية نطاقا على سطح الكرة الأرضية تمتد بين درجتي العرض45 شمالا وجنوبا وسطيا وهي:

في فصل الشتاء،يشكل أقاليم مصدر الكتل حزاما قاريا متصلا ممتدا عبر شمال أفريقيا وجنوب غرب أسيا،بالإضافة إلى نطاق ضيق في جنوب غرب أمريكا الشمالية(الشكل 1).

أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية فتظهر أقاليم مصدرها فوق قارة استراليا وجنوب أفريقيا (الشكل 1).وتتمركز هذه الأقاليم في المواقع التي تسود عليها الضغوط المرتفعة شبة المدارية وحركات الهبوط الهوائية فوق القارات فوق درجتي العرض 20 و30درجة شمالا وجنوبا.وعادة تتجاوز الكتل الهوائية(cTw) في تقدمها درجة العرض 40 شمالا.وتتميز الكتل الهوائية(cTw) بأنها دافئة وجافة ومستقرة تناهز درجة حرارتها80درجة مئوية وسطيا،ونسبة الخلط فيها أقل من 8غ/كغ.ورطوبتها النسبية حوالي 60% وتسود فيها طبقة انقلاب حراري على ارتفاع 2الى3كم تعرف بطبقة انقلاب الرياح التجارية.في الصيف،تحافظ الكتل الهوائية(cTw)على أقاليم مصدرها في النصف الشمالي للكرة الأرضية،إلا أنها تنزاح قليلا باتجاه الشمال وتتسع وغالبا ما تتعدى الكتل الهوائية(cTw)درجة العرض 45شمالا كثيرا(الشكل2).أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية تنكمش مساحة أقاليم مصدر الكتل الهوائية(cTw)في أستراليا وجنوب أفريقيا بسبب تأثيرها بالكتل الهوائية المدارية الرطبة الموسمية الهابة عبر خط الاستواء،كما ويظهر أقاليم مصدر صغير لها فوق جنوب القارة الأمريكية الجنوبية(الشكل2).

بسبب شدة الإشعاع الشمسي تزداد حرارة الكتل الهوائية(cTw)،كثيرا ويبلغ متوسط درجة الحرارة حوالي35درجة مئوية إلا أنها عادة ما تزيد عن 36م وفي كثير من الأوقات تتعدى40درجة مئوية،وتزيد درجة حرارة السطح الجاثمة عليه إلى أكثر من60 أو70مئوية،لذلك تظل مستقرة في مستوياتها الدنيا فتتشكل خلالها الزوابع الغبارية،لكنها تظل مستقرة في مستوياتها العليا بسبب حركات الهبوط الهوائية فوقها وتتشكل طبقة الانقلاب الحراري على ارتفاع3كم.وبالرغم من أن محتواها من الرطوبة الفعلية كبير،حيث تصل بنسبة الخلط فيهل إلى حوالي9,1/كغ،إلا أن رطوبتها النسبية،بسبب ارتفاع درجة حرارتها الشديد،تظل ضئيلة حوالي28%أحيانا تقل عن10%لذلك تتميز الكتل الهوائية(cTw)بحرارتها العالية وجفافها الشديد،وأينما حلت هذه الكتل تنعدم الأمطار ويسود الجفاف وهذا ما يجعل أقاليم مصادرها صحراوات جافة حارة.

(ب)الكتل الهوائية المدارية البحرية(mTw): 

في الشتاء،تشكل المحيطات المدارية،حيث تسود الضغوط المرتفعة شبة المدارية الدائمة في نصفي الكرة الأرضية أقاليم المصدر لهذه الكتل الهوائية(الشكل 1).فتسود إلى الجنوب من الكتل الهوائية القطبية البحرية(mPk)في نصف الكرة الأرضية الشمالي والى شمالها في نصفها الجنوبي متمركزة حول درجتي العرض30شمالا وجنوبا شاغله كل النطاق البحري المداري في نصفي الكرة الأرضية بين درجتي العرض45درجة شمالا وجنوبا وسطيا،الذي يشمل المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي والمحيط الهادي والمحيط الهندي.وتتميز الكتل الهوائية(mTw)يدفئها ورطوبتها وعدم استقرارها،فتزيد حرارتها عن24درجة مئوية ونسبة خلطها عن17غ/كغ ورطوبتها النسبية88%وهذا مما يساعد على تشكيل تيارات حملانية تنقل الرطوبة وحرارتها والطاقة الحرارية خلال مستوياتها الدنيا وتوزيع مستوياتها الأعلى إلى ما دون ارتفاع طبقة الانقلاب الحراري.

في الصيف،تظل أقاليم مصدر الكتل الهوائية(mTw)في مواقعها (الشكل2).لكن مع ازدياد الطاقة الحرارية الواصلة إلى سطح المحيطات،تصبح هذه الكتل أكثر حرارة ورطوبة وتزداد إضطرابا وعدم استقرار،فتبلغ درجة حرارتها حوالي29درجة مئوية ونسبة الخلط فيها حوالي20غ/كغ ورطوبتها النسبية77%تقريبا،لكنها عندما تدخل اليابسة شديدة الحرارة،تصبح منعشة لطيفة وتتميز على أنها كتل هوائية مدارية بحرية باردة(mTk).

الجدير بالذكر هنا،انه بسبب حركات الهبوط الهوائية وتشكل طبقة الانقلاب الحراري(طبقة انقلاب الرياح التجارية)على ارتفاع2الى3كم خلال الكتل الهوائية(mTw)،يظل عمق الطبقة السطحية الرطبة فيها ضحلا،لكنها تزداد عمقا ورطوبة كلما تحركت شمالا أو جنوبا مبتعدة عن مراكز حركات الهبوط الهوائية فوق المحيطات المدارية وشبه المدارية.

الكتل الهوائية الاستوائية(mE):

تظهر الكتل الهوائية الاستوائية في نطاق ضيق عبر العروض الاستوائية بين درجتي العرض10شمالا وجنوبا وسطيا بين الكتل الهوائية المدارية الشمالية والجنوبية(الشكلان1و2).وفعلا تعد هذه الكتل الهوائية الاستوائية(E)جزاء لا يتجزأ من الكتل الهوائية المدارية البحرية(mTw)وتحمل صفاتها الحرارية والطوبة.والحقيقة،فإنها تتشكل،في معظمها خلال فصل الصيف في نصفي الكرة الأرضية نتيجة لعبور الكتل الهوائية المدارية الشمالية إلى النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.وعبور الكتل الهوائية المدارية والجنوبية إلى النصف الشمالي من الكرة الأرضية عبر خط الاستواء مع حركة الشمس الظاهرية السنوية جنوب وشمال خط الاستواء.وتتميز الكتل الهوائية الاستوائية سواء كانت بحرية أو قارية بنفس الصفات فجميعها حارة ورطبة جدا،لأن الغابات الاستوائية تقوم بفعل المحيطات في تغذية الكتل الهوائية القارية بالرطوبة،فتزيد درجة حرارتها27م نسبة خلطها19غ/كغ،ورطوبتها النسبية82%دائما تقريبا.

2- تعديل الكتل الهوائية(Air Mass Modification):

عندما تخرج الكتل الهوائية من أقاليم مصادرها، حاملة معها صفاتها الأولية(Initial Conditions)التي اكتسبتها خلال فترة مكوثها فوق هذه الأقاليم،فإنها تتعرض الى عمليات نقل وتبادل حراري ورطوبة مع السطوح التي تمر فوقها تؤدي الى تغيرات في حرارتها وتدرجها الحراري الشاقولي وفي رطوبتها.فتتعدل صفاتها الأولية،وفي نهاية المطاف قد تتحول الى كتل هوائية مغايرة عما كانت عليه في أقاليم مصادرها.ويمكن أن تقسم هذه التغيرات الطارئة على الكتل الهوائية الى تغيرات أفقية(Advection)وتغيرات ديناميكية "حركية"(Dynamic changes)،وتغيرات ثرموديناميكية"حرارية حركية"(Thermodynamic Changes).وتجري هذه التغيرات متزامنة ومتداخلة مع بعضها البعض.

تعد عمليات تعديل الكتل الهوائية وتحولها من العمليات الأساسية المتحكمة في تكوين حالات الطقس على سطح الأرض.فكثير من ظواهر الطقس العادية تتولد نتيجة لهذا التعديل.وبدراسة الآلية التي تتغير فيها الكتل الهوائية وتتعدل يمكن أن تعرف الكثير عما ستؤول إليه حالات الطقس.لذلك فانه من الضروري التعرف على هذه الآليات.وبالرغم من أن التغيرات الحاصلة-كما ذكر سابقا-متزامنة ومتداخلة متكاملة فمن المهم جدا التعرف على كل منها على حدى لتفهم كيفية حدوثها.

2-1-1التغيرات الأفقية(Advection Changes):

تحدث هذه التغيرات نتيجة لابتعاد الكتل الهوائية عن مراكز الهبوط الهوائي في الضغوط المرتفعة المهيمنة في أقاليم مصادرها،فتمدد الكتل الهوائية نتيجة لضعف حركات الهواء الهابطة فوقها وتتغير حرارتها في مستوياتها الدنيا وبالتالي يتغير تدرجها الحراري وتدرج الضغط الجوي العمودي فيها،وقد تغيب الانقلابات الحرارية الحاصلة في مستوياتها الأعلى أو تضعف أو يرتفع مستواها نتيجة لضعف الحركات الهوائية الهابطة أو غيابها.مما يؤدي الى إضعاف حالة الاستقرار في الطبقات الوسطى والعليا من الكتل الهوائية كلما ابتعدت عن المناطق عن مناطق هبوط الهواء،والى زيادة في خسارة الطاقة الحرارية عن طريق الإشعاع الى الفضاء الخارجي.بالإضافة الى ذلك فان تمدد الهواء في قاعدة الكتل الهوائية سيؤدي الى خفض رطوبتها الحجمية(كمية بخار الماء غ في1م3من الهواء) إذا لم تضف إليها الرطوبة من مصدر أخر بالإضافة الى ذلك فان قدرتها الاشعاعية ستتغير وتتعدل كلما ابتعدت عن أقاليم مصادرها.

ويلاحظ بوضوح أن التغيرات الأفقية الطارئة على الكتل الهوائية لا تكون بسبب عوامل خارجية وإنما تتولد داخل الكتل الهوائية ذاتها،لذلك من الممكن الإشارة إليها بالتغيرات الداخلية.

2-1-2التغيرات الديناميكية(Dynamic Change) أو الميكانيكية(Mechanical Changes):


تتولد هذه التغيرات عن احتكاك الكتل الهوائية مع السطح الذي تتحرك فوقه. ويظهر تأثيرها بشكل خاص في المستويات الدنيا من الكتل الهوائية حيث تتشكل نتيجة الاحتكاك حركات اضطرابية دوامية تمزج الهواء وتخلطه مع بعضه حتى ارتفاعات كبيرة،ويؤدي ذلك إلى تغير في صفات الكتل الهوائية الحرارية والرطوبة وصفاتها الفيزيائية الأخرى،خاصة إذا دامت هذه الحركات الاضطرابية مدة طويلة،ولهذه الحركات أهمية كبيرة في نقل تأثير العمليات الثرموديناميكية إلى مستويات عالية أيضا.

ويجدر الانتباه إلى أن التغيرات الأفقية والديناميكية الحاصلة في الكتل الهوائية ليست تغيرات أديباتية لكن في حال ارتفاع أو انخفاض الهواء على السفوح الجبلية مثلا،تحدث تغيرات حرارية أديباتية(Adiabatic)سريعة تسيطر على الوضع.

2-1-3التغيرات الثرموديناميكية(Thermodynamic Changes):

تعد التغيرات الثرموديناميكية أهم من باقي التغيرات وأكثرها فعالية،والحقيقة أن هذه التغيرات الثرموديناميكية تستفيد مباشرة أوبشكل غير مباشر من آليات التغيرات الأخرى.تتكون هذه التغيرات عندما تمر الكتل الهوائية فوق سطوح تتباين معها في الحرارة،فعندما تمر فوق سطح دافئ (أدفأ منها)أو يتسخن السطح الذي تجثم فوقه بواسطة التشمس،فتسخن قاعدتها،فيختل توازنها وتدرجها الحراري العامودي،فتصبح كتلة هوائية مضطربة غير مستقرة خلال ارتفاع كبير في مستوياتها الدنيا،فتتشكل فيها حركات اضطرابية وتيارات هوائية  صاعدة تنقل الطاقة الحرارية والرطوبة إلى المستويات العليا منها.وبالعكس اذا عبرت كتلة هوائية فوق سطح بارد،أو اذا تبرد السطح الذي تجثم عليه بواسطة الإشعاع الأرضي إلى الفضاء،تبرد قاعدتها وتصبح كتلة مستقرة يسود فيها على ارتفاعات منخفضة انقلاب حراري يحد من انتشار التبرد خلال مستوياتها الأعلى التي تهيمن فيها حركات هوائية هابطة.

وفي حالة مرور الكتل الهوائية فوق سطح رطب،أو تهطل الأمطار من مستويات أعلى تزداد رطوبتها عن طريق التبخر.وبالمقابل قد تفقد رطوبتها بواسطة التكاثف أو هطول الأمطار منها وفي كلا الحالتين(التبخر والتكاثف)تحدث تحولات كبيرة في رطوبة الكتل الهوائية وفي طاقاتها الحرارية،حيث تتحول بعض من طاقتها إلى طاقة حرارية كامنة تستخدم في التبخر فتبرد،كما تفقد الكتل الهوائية جزاء من طاقتها الحرارية المحسوسة على شكل إشعاعات تحت الحمراء إلى الفضاء مما يؤدي إلى تبردها أيضا. بينما أثناء عمليات التكاثف تتحرر الطاقة الحرارية الكامنة وتتحول إلى طاقة حرارية محسوسة تزيد من تسخن الكتلة الهوائية وتزيد اضطرابها وعدم استقرارها.ومن جهة أخرى يساعد هطول الأمطار التي تزيل جزيئات الماء من الكتل الهوائية على الحد من تبردها الذي قد يحدث من تبخر جزيئات الماء مرة أخرى خلالها.

3-عمر الكتل الهوائية:

وأخيرا،مع تقدم الكتل الهوائية بعيدا عن أقاليم مصدرها تزداد تأثيرا 

بالتغيرات الطارئة عليها وبمحيطها الجديد فتفقد طاقتها الحرارية من خلال التبادلات مع ما يحيط بها من هواء،وبالتالي تضمحل هذه التبادلات وتتبدد مظاهر الطقس المصاحبة لها وفي النهاية تفقد الكتل الهوائية صفاتها الأولية وتندمج مع التيارات الهوائية الحيطة بها.والجدير بالذكر،أن المستويات الدنيا من الكتل الهوائية تتغير بسرعة أكبر من مستوياتها العليا.في كل الأحوال تعتمد مدة بقاء الكتل الهوائية محتفظة بصفاتها الأولية التي اكتسبتها من أقاليم مصادرها على ثلاثة عوامل هي:

أ)مساحو إقليم المصدر،فكلما زادت مساحة وتجانس تركيب سطحه وزاد انبساطه كلما كانت الكتل الهوائية أكبر وأعمق وزادت مدة بقائها فوقه مما يرسخ فيها صفاته ويقويها ويجعلها تصمد أمام التغيرات التي تطرأ عليها عندما تخرج منه وتدوم طويلا.

ب)نوع الضغط الجوي المرتفع المهيمن على أقاليم المصدر،فكلما كان عميقا تسود فيه حركات هوائية هابطة قوية،كلما كانت الكتل الهوائية عميقة ومتماسكة.

ج)سرعة خروج الكتل من أٌقاليم مصادرها،كلما كان حركة الكتل الهوائية بطيئة،متولدة من حركات انفراج هوائية سطحية بطيئة،كلما ازداد اكتسابها لصفات إقليم مصدرها.

الجبهات الهوائية:

عندما تتوجه كتل هوائية متباينة الصفات مع بعضها البعض،فإنها تختلط مع بعضها،بل تظل منفصلة عن بعضها،بفصل بينها نطاق انتقالي(Transition Zone)أوبيني(Interface)يدعى

جبهة(Front).وقد اقترح هذه التسمية مجموعة من علماء الأرصاد الجوية السويديون،خلال الحرب العالمية الأولى،إذ شبهوا الكتل الهوائية المتباينة المتواجهة بالجيوش العسكرية المتواجهة مع بعضها عبر جبهة القتال.

تعرف الجبهة في الدراسات المناخية والأرصاد الجوية على أنها"الحد أو النطاق الانتقالي الفاصل بين كتل هوائية مختلفة الكثافة"وبما أن كثافة الهواء تتعلق مباشرة بدرجة حرارته،لذلك فانه من البديهي أن تكون الجبهات"نطاقا فاصلا بين كتل هوائية متباينة الحرارة".وأحيانا تشكل" حدا فاصلا بين كتل هوائية متباينة الرطوبة".وبما أن الكتل الهوائية تكتسب صفاتها الحرارية والرطوبة من أقاليم مصادرها الواقعة في عروض جغرافية مختلفة،فيمكن أن ينظر إلى الجبهات على أنها "النطاق الذي يفصل بين كتل هوائية متباينة أقاليم المصدر" أيضا.

ويجب أن لا ينسى أن للكتل الهوائية امتداد أفقي وأخر علوي،ولذلك فان نطاق الجبهة الفاصل بين الكتل الهوائية المتباينة يمتد على كل المساحة بين الكتل-ويشغل نطاقا ثلاثي الأبعاد(طولي وعرضي وعمودي).وفي الواقع يشكل الامتداد العلوي للجبهة سطحا أو نطاقا يدعى السطح الجبهي(Frontal Surface) أو النطاق الجبهي(Frontal Zone)بينما ينحصر اسم الجبهة(Front)في المواقع التي يتقاطع معها السطح أو النطاق الجبهي مع سطح الأرض (الشكل 3).

نتيجة لتجاور الكتل الهوائية المتباينة على جانبي الجبهة والنطاق الجبهي،يمثل سطح الجبهة نطاق انقطاع في صفات الكتل الهوائية الحرارية والرطوبة والضغط الجوي وحقل الرياح المصاحب لها.لذلك يسود خلال النطاق الجبهي تدرج حاد في كل من درجة الحرارة والضغط الجوي والرطوبة واتجاه الرياح يتولد عنها أنماط من الطقس اليومية والحقيقة أن تشكل النطاقات الجبهية بين الكتل الهوائية وتحركها يتحكم في الكثير من تغيرات الطقس في المواقع إلي تسود فيها.

عندما تتحرك الجبهات تحت تأثير حركة الرياح العلوية تشبه في تحركها الأمواج.لذلك تدعى أحيانا بالأمواج الجبهية(Frontal Waves).وفي كل الحالات تبدأ الجبهات فجأة ويتزايد حجمها وأحيانا يبلغ طولها عدة آلاف من الكيلو مترات ويتراوح اتساعها بين 10و100و200كم،ثم يتبدد تدريجيا،ليتمون غيرها من جديد.

أصناف الجبهات:

عندما تتقدم الكتل الهوائية المتباينة باتجاه بعضها البعض منها ما يتقدم ليحل مكان الكتل الأخرى،ومنها ما يتراجع أمام الكتل المتقدمة.وتسمى الجبهة المتشكلة بينهما باسم الكتلة الهوائية المتقدمة.ووفقا لذلك تصنف الجبهات إلى ثلاث أصناف رئيسية هي:

الجبهات الباردة،والجبهات الحارة والجبهات الثابتة.

1-الجبهات الباردة(Cold Fronts)ونمط الطقس المصاحب لها:

تتشكل هذه الجبهات من جراء تقدم الكتل الهوائية الباردة القطبية الجافة(cpk) لتحل مكان الكتل الهوائية المدارية الرطبة الدافئة(mTw)أو القارية(cTw).وتتراوح سرعة تقدمها بين 15و25عقدة(27و46كم).

تمثل الجبهة الباردة على الخرائط الطقس والمناخ بخط منحن يحمل على طوله على أبعاد متساوية مثلثات صغيرة تشير إلى اتجاه حركة الجبهة(الشكل 4)،وفي حال كانت الخرائط ملونة ترسم هذه الجبهة باللون الأزرق.عندما تتقاطع خطوط الأيزوبار(خطوط الضغط المتساوي)مع خط الجبهة على هذه الخرائط تلتوي خطوط الأيزوبار مشكلة قطاعا متطاولا من الضغط المنخفض.

وبسبب برودة الهواء واحتكاكه مع سطح الأرض يكون الطرف الأمامي للجبهة شديد الانحدار نسبيا يتراوح انحداره بين1/100و1/50(1و2%)وسطيا(الشكل 5).

يكون الضغط الجوي أكثر انخفاضا في نطاق الجبهة ويرتفع كلما ابتعدنا عنها،والحقيقة،يجنح الضغط الجوي إلى الانخفاض عند مرور الجبهة،لكن فورا وراء الجبهة يميل الضغط للارتفاع في كل مكان.يحتل الجبهة تدرج حراري شديد،وتنخفض درجة الحرارة بسرعة كبيرة وراء الجبهة في الكتل الهوائية الباردة.

وفي نطاق الجبهة يندس الهواء البارد تحت الهواء الدافئ،الذي يرتفع بدوره إلى طبقات الجو الأعلى وإذا كان هذا الهواء غير مستقر رطب،يتكاثف أثناء ارتفاعه عند وصوله إلى مستوى التكاثف الرفعي مكونا غيوما كثيفة من نوع الركامي المزني كولونيمبوس(Cumulonimbus)تؤدي إلى هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية على طول نطاق ضيق من الجبهة.وعلى مستويات عاليه تدفع الرياح المطرية العلوية البلورات الجليدية في أعالي غيوم كومولوينمبوس مشكلة غيوم من نوع سمحاقي طبقي سيروستراتوس (Cirrostratus)وسمحاقي سيروس(Cirrus)العلية التي أمام الجبهة الباردة بحوالي 100-200كم،وبعد مرور الجبهة،يرتفع الضغط الجوي وتتحول الرياح من جنوبية غربية إلى شمالية غربية باردة سريعة تتوقف الأمطار.يبين الشكل(5)مقطعا عموديا عبر الجبهة الهوائية الباردة وظواهر الطقس المصاحبة لها. 

والحقيقة أنه كلما كانت سرعة الجبهة الباردة بطيئة كلما غطت الغيوم والأمطار وراء الجبهة مساحات كبيرة وكانت غزيرة.وإذا كان الهواء الدافئ المرتفع مستقرا تتشكل غيوم من نوع المزني الطبقي نيمبوستراتوس(Nimbostratus)،ولربما يتشكل الضباب في منطقة هطول الأمطار.أما إذا كان الهواء الدافئ المرتفع مستقرا جافا،فلن يتشكل سوى بعض الغيوم المتفرقة المبعثرة وينعدم التهاطل ويسود طقس جاف بارد قارص.

2-الجبهات الدافئة(Warm Fronts)وأنماط الطقس المرافقة لها:

تتشكل الجبهات الدافئة نتيجة لتقدم الكتل الهوائية المدارية البحرية الدافئة(mTw)والقارية الدافئة(cTw)لتحل مكان الكتل الهوائية القطبية البحرية الباردة(Pk)تتحرك الجبهات الدافئة على شكل سلسلة من القفزات المتتالية تبلغ سرعة تقدمها حوالي10عقدة(19كم)وسطيا.

ترسم الجبهة الدافئة على خرائط الطقس والمناخ على شكل خط منحن يحمل على طوله على أبعاد متساوية أنصاف دوائر صغيرة تبين الاتجاه الذي تتحرك إليه الجبهة(الشكل4)وإذا رسمت الجبهة على خرائط ملونة فتظهر.

عندما تلحق الكتل الهوائية الدافئة بالكتل الهوائية الباردة المتراجعة ينزلق الهواء الدافئ قليل الكثافة فوق الهواء البارد الأكثر كثافة،ويتشكل بينهما على طول نقاط التماس بينهما نطاق الجبهة الحارة ممتدا على شكل سطح أفقي مائل يمتد على مسافة تزيد عن 1200كم فوق الكتلة الهوائية الباردة ويتراوح ارتفاعه من سطح الأرض عند الجبهة وحتى ارتفاع 7كم ويتراوح انحداره بين 1/150و1/300(0,67و0,33%)وسطيا(الشكل6) يساعد انحدار نطاق الجبهة البسيط على تطبق الهواء الدافئ المرتفع فوق الهواء البارد السطحي ويؤدي إلى تكوين حالة استقرار جوية يرافقها انقلاب حراري على مستويات منخفضة على طول الأجزاء الوسطى والعالية من النطاق الجبهي(الشكل6).

أثناء ارتفاع الهواء الدافئ الرطب يتشكل على طول نطاق الجبهة المائل أشكال متعددة من الغيوم والسحب تؤدي إلى أمطار غزيرة ومتوسطة لكنها منتشرة على مساحات كبيرة عند الجبهة السطحية تكون درجة الحرارة فوق الصفر،لكنها تزداد كلما تراجعنا إلى وراء الجبهة ضمن الكتلة الهوائية الدافئة،وفي الوقت نفسه تتناقص كثيرا أمام الجبهة كلما توغلنا في الكتلة الهوائية الباردة.

على بعد 1200كم من الجهة الحارة في الكتلة الهوائية الباردة على ارتفاع يزيد عن 7كم عند المستويات العالية من نطاق الجبهة تتشكل غيوم من نوع السمحاقي سيروس(Cirrus)العالية التي تنذر بقدوم الجبهة الحارة.كلما اتجهنا باتجاه الجبهة تزداد الغيوم كثافة وانخفاضا فتتشكل غيوم من نوع السمحاق الطبقي سيروستراتوس(Cirrostrarus)المكونة من البلورات الجليدية،ثم تظهر الغيوم الركامية والطبقة المتوسطة التوستراتوس(Altostratus)والركامية المتوسطة التوكومولوس(Altacumulus)على ارتفاعات وعلى بعد حوالي 500كم من الجبهة يبدأ تساقط الثلج بغزارة من غيوم المزن الطبقي نيمبوستراتوس(Nimbostratus)الكثيفة،وتسود على السطح رياح جنوبية شرقية سريعة.ويبدأ الضغط الجوي بالتناقص يبطئ.

وكلما اقتربنا من حد الجبهة السطحية على بعد 300كم تقريبا منها تزداد الحرارة وتصبح معتدلة ويتناقص الضغط الجوي،هنا يصبح الهواء البارد السطحي ضحل،ويتحول الهطول الثلجي تدريجيا إلى هطول أمطار تغطي مساحة واسعة مع ازدياد درجة حرارة السطح.وقرب الجبهة بحوالي 150كم تتبخر الأمطار الدافئة فيتشبع الهواء البارد مما يؤدي إلى تشكل غيوم طبقية ستراتوس(Stratust)أو ضباب التبخر.

عندما نعبر الجبهة الحارة السطحية إلى الكتلة الهوائية الحارة،تزداد درجة  الحرارة ودرجة نقطة الندى وينتقل اتجاه الرياح من جنوبية شرقية إلى جنوبية أو جنوبية غربية ويتوقف انخفاض الضغط الجوي ويتوقف هطول الأمطار يبين الشكل الجبهة الدافئة والطقس المرافق لها في كل مراحله.

إن ما ذكر حول الجبهة الدافئة ومراحل الطقس المصاحبة لها يتحقق إذا كان الهواء الدافئ رطبا غير مستقر أما إذا كان جافا نسبيا ومستقرا،سيتشكل فقط غيوم متوسطة وعالية،لكن بدون أمطار.أما إذا كان رطبا نسبيا وغير مستقر تهطل زخات مطرية على شكل عواصف رعدية،وقد تتشكل على ارتفاعات متوسطة خلال الهواء البارد السفلي غيوم من نوع الركامية الطبقية ستراتوكومولوس(Stratocumuilus)ناجمة عن تبخر الأمطار وتكاثفها حين هطولها.

3-الجبهات الثابتة(Station Front)والطقس المصاحب لها:

تتشكل الجبهات الثابتة بين كتل هوائية متباينة لكنها لا تتحرك باتجاه بعضها وتمثل على خرائط الطقس والمناخ بخط منحن مرسوم عليه على أبعاد متساوية وبشكل متناوب مثلثات صغيرة بجهة الكتل الهوائية الدافئة،وأنصاف دوائر صغيرة بجهة الكتل الهوائية الباردة (الشكل4).وعلى الخرائط الملونة ترسم الجبهة الثابتة بشكل متناوب باللون الأزرق والأحمر.وعادة تظهر مثل هذه الجبهة بين الكتل الهوائية القطبية القارية(cpk)والكتل الهوائية القطبية البحرية(mpk).

تهب الرياح السطحية على طرفي الجبهة الثابتة باتجاهين متعاكسين متوازين مع الجبهة.غالبا يكون الطقس صحوا غائم جزئيا بدون هطول أمطار،لكن في حال وجود هواء دافئ رطب على أحد طرفي الجبهة،يميل هذا الهواء تدريجيا إلى أن ينزلق فوق الهواء البارد فيتشكل غطاء واسع من الغيوم مع أمطار خفيفة واسعة الانتشار.ويحدث مثل هذه الظاهرة في حال تجاور كتل هوائية قطبية(mpk)مع كتل هوائية مدارية(mTw).

انتهاء الجبهات وتجددها:

تظل الجبهة قوية متماسكة طالما ظل التباين الحراري بين الكتل الهوائية على طرفيها موجود.لكن مع مرور الزمن،وتقدم الكتل الهوائية كثيرا في أقاليم مغايرة لأقاليم مصادرها تتعدل صفاتها وخاصة الحرارية منها،فيضعف التباين الحراري بينها وبين المحيط الهوائي الجديد حولها وتضعف الجبهة تدريجيا ثم في نهاية المطاف تتبدد عندما تختلط الكتل الهوائية مع بعضها البعض.تدعى هذه الظاهرة بتبدد الجبهة فرنتوليسيس(Frontolysis).

أما في حال تزايد التباين الحراري بين الكتل الهوائية على طرفي الجبهة،يقويها ويجعلها تجدد وتصبح أكثر فعالية،تعرف هذه الظاهرة بتجدد الجبهة فرنتوجينيسيس(Frontogenesis).

3-الجبهات المنطبقة(Occluded Front):

تتشكل الجبهات المغلقة في حال تلاحق ثلاث كتل هوائية متباينة وراء بعضها البعض مع استمرار الكتلة الهوائية الدافئة في الوسط.فيتشكل من جراء ذلك جبهتين هوائيتين متتابعتين،جبهة هوائية دافئة في المقدمة متبوعة بجبهة هوائية باردة (الشكل 7).

تمثل الجبهة المنطبقة على خرائط الطقس والمناخ بخط منحن تظهر على أحد طرفيه مثلثات صغيرة متناوبة مع أنصاف دوائر صغيرة على أبعاد متساوية تشير إلى اتجاه حركة الجبهة (الشكل 4)تظهر الجبهة المنطبقة في الخرائط الملونة باللون الأرجواني.

ويمكن تمييز نوعين من هذه الجبهات المنطبقة:

1-نمط الجبهة المنطبقة الباردة(Cold-type occluded Front)أوالانطباق البارد(Cold occlusion).ويتشكل هذا النمط عندما تتحرك جبهة باردة جدا بسرعة وراء جبهة دافئة فترفع الكتلة الهوائية الدافئة،وجبهتها الدافئة عن سطح الأرض تدريجيا،وتندس تحت الكتلة الهوائية الباردة فتشكل جبهة جديدة باردة بينها وبين الكتلة الهوائية الباردة التي كانت مشتركة مع الكتلة الهوائية الدافئة في تشكيل الجبهة الهوائية الدافئة أما الأعلى يظهر الهواء الدافئ عائما فوق كل من الكتل الهوائية الباردة جدا في الخلف ويشترك معها في تشكيل جبهة هوائية باردة مرتفعة(الشكل 7).

2-نمط الجبهة المنغلقة الدافئة(Warm-type occluded Front)أو الانطباق الدافئ(Worm occlusion)،ويحدث حين تتبع الجبهة الدافئة المشكلة بين كتلة هوائية دافئة وكتلة هواء باردة جدا-جبهة باردة (الشكل 7).فعندما تلحق الجبهة الباردة بالكتلة الهوائية الدافئة تحملها عن سطح الأرض مع جبهتها وتنزلق معها فوق الكتلة الهوائية الباردة جدا،فيتشكل عند سطح الأرض بين الهواء البارد جدا جبهة دافئة نسبيا،وفوق سطح الأرض تتشكل جبهة دافئة في الأمام بين الهواء الدافئ المرفوع والهواء البارد جدا،وجبهة باردة مرتفعة بين الهواء الدافئ المرفوع والهواء البارد في الخلف.

مثل هذه الظواهر تحدث عادة في بؤر الموجات السيكلونية (البؤر الفعالة في نطاق الضغط المنخفض في الجبهات)التي تحدث نتيجة للتموجات الحاصلة في التيارات الهوائية العالية،ففي هذه السيكلونات يسود على سطح الأرض حركة هوائية دورا نية حلزونية باتجاه عقارب الساعة في النصف الشمالي وعكسها في النصف الجنوبي من الأرض،يلتف فيها الهواء البارد حول الهواء الساخن من الخلف مشكلا معه جبهة باردة،ويندفع الهواء الدافئ إلى الأمام مشكلا مع أطراف الهواء البارد الخلفية جبهة هوائية دافئة.وأثناء تحرك السيكلونات نحو الشرق تحت تأثير التيارات الهوائية العالية،وازدياد الحركة الدورانية الحلزونية تلحق الجبهة الباردة بالجبهة الدافئة مشكلة جبهة منطبقة،(الشكل 8).  

لتحميل البحث word

هناااااااااااا

  


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-