التطور العمراني والمعماري لمدينة بنغازي في القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة.pdf

 

 التطور العمراني والمعماري لمدينة بنغازي في القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة

  

د. حنين إبراهيم نخلة

أستاذ مساعد بقسم العمارة وتخطيط المدن- كلية الهندسة - جامعة بنغازي 

أ. حنان منصور فركاش

محاضر بقسم العمارة وتخطيط المدن- كلية الهندسة - جامعة بنغازي 

 م . هيام رمضان السنني

معيد بقسم العمارة وتخطيط المدن- كلية الهندسة - جامعة بنغازي 

التطور العمراني والمعماري لمدينة بنغازي في القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة

الجامعي - العدد 33 - ربيع 2021م - ص ص. 317 - 339: 

 الملخص : المدينة هي أكثر اشكال المستقرات البشرية تعقيدا شكلاً ومضموناً، حيث إنها كمستقر بشري تتشكل من عنصرين: مادي ثابت من منشآت مدنية كالأبنية والطرقات ؛ وعضوي متحرك وهو الإنسان المتمثل في سكان هذه المدينة، فالمدينة هي أكثر مظاهر التفاعل المتبادل بين الإنسان « المجتمع « والوسط « البيئة الطبيعية « وفيها أكثر أشكال النشاط الإنساني المجتمعي كثافة وتنوعاً، كل ذلك يعكس قدرة التكيف مع المتغيرات والمستجدات المتوقعة، ومدى استجابة المخططات للمتغيرات المتسارعة المتوقعة وغير المتوقعة، إلا انه يظل عنصر المفاجأة غير المتوقع هو الحاسم في التغيير الجذري جراء الكوارث والحروب، وبذلك لابد من وضع المحددات والمسارات التي تقام عليها أسس الإعمار، من أجل إيجاد حلول تخطيطية ومعمارية للتغلب على العجز والتشوه المتوقع من جراء الازمات المختلفة، ومن واقع الحال لمدينة بنغازي كان للتغيرات السياسية والاقتصادية التي حدثت في ليبيا بداية القرن العشرين من احتلال إيطالي لها وظهور النفط في بداية النصف الثاني داخل أراضيها وانتهاء بأحداث 2011 م، وغياب سلطة القانون العمراني، كل ذلك أدى إلى ظهور العديد من السلبيات والتشوهات، وحتى يتسنى لنا إلقاء الضوء على بعض ملامح هذا التشوه، فإن الهدف الرئيسي من البحث تحليل الوضع القائم ووضع تصور شامل، يُوجه المفاهيم العمرانية والمعمارية والضوابط التي تحكمها، وبذلك فسنتطرق بشكل عام لتاريخ تخطيط المدينة قديماً، وسنتوقف عند تطور المدينة العمراني في القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، أسبابه ودوافعه كمحددات لهذا التطور العمراني والمعماري كماً ونوعاً من خلال مقاطع زمنية مختلفة تعكس

العوامل السياسية والاقتصادية على المدينة، وما يمثله دور المخطط العمراني والمعماري في تحديد الأزمات والحد منها وملافاتها ووضع خطط التطوير الشاملة للمدينة على مستوى التخطيط والعمارة، وعرض النتائج نحو ضمان تنمية عمرانية ومعمارية مستدامة ذات هوية مستقلة. الكلمات الاستدلالية: الهوية العمرانية – الهوية المعمارية – العمران المستدام - العمارة المستدامة . 

Abstract : he city is the most human stabilization complex in form and in content. As human stabilization، it is made of two main elements: first، the fixed physical element which is urban structures such as buildings and roads. The second، the organic element، the human presented as the population of the city. The city is the most known interaction between humans “community” and space “natural environment” and in which we can find the most diverse and intense human and social activity. All this reflect the ability to adapt with expected changes and how far can plans response to rapid

changes whether they were expected or not. However، the element of surprise is the decisive in radical change resulted of disasters and wars. And by that، the determination and path on which reconstruction is based on must be provided to find urban and architectural solutions to overcome the expected deficit and deformation caused by many crises. After studying Benghazi، we can observe the political and economic changes that happened in Libya during the beginning of the twentieth century concluded in Italian occupancy، discovery of oil in the second mid half، absence of urban authority ending with 2011 events all this had led to appearance of several distortions. In order for us to shed some light on some feathers of this distortions. The main goal of this research is to analyze the current situation
and to put comprehensive visualization that directs urban and architectural concepts and the restrictions that controls them. We will quickly digression to the history of urbanism in Benghazi، urban development of the city in the beginning of the twentieth century and the beginning of twenty- first century، the reasons and motivations as characterizes to this urban and architectural
development qualitatively and qualitatively using different periods of time that reflects the political and economic on the city. Also، what rule urban and architecture planning plays in defining crises and reducing and avoiding them. Also، putting comprehensive development plans for the city on architectural and urban levels and reviewing conclusions to ensure sustainable urban and architectural development with an independent identity













التحليل والخلاصة :

  إن المدينة من أكثر المستقرات البشرية تعقيداً في إيجاد البيئة الحيوية للإنسان لممارسة نشاطاته المختلفة والمتعددة ، كما أنه يمكن تشبيه المدينة بالكائن الحي، فهي في حركة توسع وتطور دؤوبة لا تتوافق سلباً أم إيجابًا، بدأ علم تخطيط المدن بالظهور بعد تأثير النتائج السلبية للتورة الصناعية على المدن وخاصة بعد الاعتماد على وسائل المواصلات الآلية الذي أدى إلى تغيير في بنية وهيكلية المدينة ونسيجها الفراغي . 335 التطور العمراني والمعماري لمدينة بنغازي في القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة إن التخطيط العمراني فعل ممنهج يهدف إلى إيجاد بيئة صحية لنمو الإنسان حتى يتمكن من ممارسة كافة نشاطاته داخل النسيج الحضري للمدينة ويحدد مسار واتجاهات توسعها وتطورها وهيكليتها ، إن ميكانيكية آلية عمل التخطيط العمراني معقدة ومركبة ولها مؤسساتها ومستوياتها المختلفة وهي تعمل بشكل دؤوب لا يتوقف ولا تظهر نتاجها آنياً، ولا تتمتع بالمرونة الكافية للاستجابة للتغيرات المفاجئة، وتتألف من طاقم عمل متكامل من كافة الاختصاصات والعلوم بدءاً من علم المناخ والجغرافيا وصولاً إلى علم الاقتصاد والاجتماع والقانون، وهي تعمل وفقا مؤشر زمني ومكاني . من خلال دراسة النسيج العمراني لمدينة بنغازي في القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين يظهر بوضوح تأثير العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وايضا تأثير ازدياد اعداد السكان كما يظهر أيضا تأثير الدور الأوروبي في التخطيط الحضري للمدينة أو خلال الوجود المباشر للإيطاليين في إعداد المخطط عام 1930 وفي النصف الثاني من القرن الماضي بتكليف المكاتب الهندسية الأجنبية بإعداد مخططات الجيل الثاني مؤسسة وايتينج ثم شركة دوكسياديس، وبشكل مبدئي مبسط يمكن تصنيف النسيج العمراني للمدينة حسب خصائصه ومراحله الزمنية إلى المراحل التالية :

1. المدينة القديمة بداية القرن العشرين 2. المدينة أيام الاحتلال الإيطالي 3. مخطط دوكسياديس 4. المدينة بعد مخطط دوكساديس.

واذا أمعنا النظر إلى نسيج المدينة لكل مرحلة على حدة نجد أن النسيج العمراني للمدينة القديمة بدءا من اختيار الموقع أنه بيئي صرف على المستوى العمراني والمعماري حيث إن المدينة في سيدي خريبيش وجدت على الأرض المرتفعة لحمايتها من التيارات البحرية في الشمال ومن سبخة السلماني من الجنوب الشرقي وأن محاور طرقاتها مفتوحة لاتجاه الرياح السائدة المحببة أما على المستوى المعماري فقد اعتمد التوجيه نحو الداخل أي نحو الفناء الداخلي التقليدي للسكن

كانعكاس للعوامل الاجتماعية والبيئية أيضا، أيضا إن مخطط 1930 الإطالي للمدينة احترم المعطيات الطبيعية والبيئية للمدينة وذلك من خلال البيئة الحجمية للنسيج العمراني أو باستغلال المسطحات المائية [بحيرة 23 يوليو]، لكن تم تشويه هذا النسيج في النصف الثاني من القرن الماضي بإزالة سوق الظلام وأيضا تغيير وظائف بعض المباني فيها، و إنشاء مباني متعددة الطوابق والأدوار وخاصة على شارع جمال عبد الناصر، واستخدام مواد حديثة على بعض المباني القديمة مما احدث تغييرا في البيئة الحجمية والفراغية لنسيج المدينة القديمة . لقد خطت الدولة الليبية حديثة النشؤ خطوة رائدة بوضع مخططات عمرانية لكافة التجمعات السكانية على كامل التراب الوطني، لكن هذه المخططات لم تستكمل كافة مراحلها لأسباب متعددة مما أدي إلى التباين في النسيج العمراني بين أحيائها، كذلك أدى عدم التقييد بالمخطط لضعف الإشراف إلى تغيير في الوظائف لبعض المباني خلاف المخطط التنظيمي المعتمد للمدينة مثل تحول شارع دبي إلى تجاري أو تحوير أشكال بعض المباني كإلغاء الشرفات وضمها للمساحة المسقوفة أي عدم الالتزام باللوائح والقوانين الخاصة بالبناء كل هذا أثر سلبا على النسيج العمراني للمدينة كالاختناقات المرورية مثلا، بالإضافة الى اختفاء وسائل النقل العام و عدم إلزام المباني العامة

بتخصيص مواقف للسيارات لمستخدميها . كان لردم سبخة السلمانى حسب مخططي وايتنج و دوكسياديس لاحقا أثر سلبيا على النسيج العمراني للمدينة بتغيير المعطيات البيئية للموقع. كما كان للاحتكاك المباشر مع الأوروبيين وظهور النفط أثر في تغيير نمط الحياة لدى السكان وتجلى ذلك في ترك السكن التقليدى وتشييد السكن على غرار الطراز الأوروبي (فيلا) دون الاستفادة من خصائصه في تأمين الخصوصية والعلاقة المباشرة مع الحديقة المنزلية . أما مرحلة ما بعد المخطط دوكسيادس يمكن وصفها بالعشوائية، بسبب عدم استكمال التطور العمراني والمعماري لمدينة بنغازي في القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة مخططات الجيل الثالث ونهاية المدة الزمنية لمخطط دوكسياديس عام 2000 م، حيث أدى لتوسع البناء العشوائي على الطرق الشعاعية قاريونس، قنفودة، الكويفية وسيدي خليفة وأيضا باتجاه مطار بنينا وسلوق، كما لابد من الاشارة إلى مدينة العمارات الصينية أو إلى مدينة الجوازي اللتين مازالتا تحت الإنشاء
والمحصورتين بين طريق الجزائر وطريق طرابلس، كما أدى الدمار من جراء الحرب في بنغازي إلى دمار واسع في نسيجها العمراني لاسيما في بعض أجزاء المدينة القديمة والتاريخية . أظهرت فترة إعداد مخططات الجيل الثالث بداية الألفية الثالثة إلى نقص الكوادر الوطنية المتخصصة وساهم في ذلك تحويل قسم تخطيط المدن بكلية الهندسة إلى قسم العمارة . 

 التوصيات:

  إن المدينة تتشكل من عنصرين اساسيين الأول مادي ثابت يتألف من المباني والمنشآت المدنية – طرقات وجسور – والعنصر الآخر عضوي حيوي وهو الانسان الذي يمد المدينة بالحياة .

1. إن على هذه المباني والمنشآت أن تعكس العوامل الطبيعية للموقع الموجودة فيه بالتأكيد على الالتزام باحترام العوامل الطبيعية والاستفادة منها وتوظيفها وتحديداً التأكيد على تأثير المسطحات المائية « البحر » وأيضاً « البحيرات « الداخلية الشرقية والغربية .، وأيضا احتياجات هذا الانسان ليس المادية فحسب وإنما الاجتماعية والدينية والثقافية وتقاليده وأسلوب حياته لهذا نجد أن السكان قاموا بإغلاق الشرفات أو بتحوير الدور الأرضي مثلاً من عمارات الكيش قرب القصر التركي إلى محال تجارية .

2. إن إعادة الأعمار تتطلب تضافر جهود كافة الاختصاصات وعلى رأسهم مهندسين التخطيط والمشاركة المجتمعية للمواطنين عبر لقاءات وندوات تثقيفية .

3. يتم تحديد الهدف الرئيسي والأهداف الفرعية المساعدة حسب الأهمية والزمن (قصير أو متوسط الأجل) وبما يخدم منظور الهدف الرئيسي بعد قراءة مستفيضة للمعطيات والمستجدات على أرض الواقع انطلاقا من الموقع العام لمدينة بنغازي ومعطياته الطبيعية والبيئية المتميزة بالواجهتين البحرينيتين للمدينة والبحيرات الشرقية والغربية مع إمكانية دراسة إعادة سبخة السلماني أو جزء منها وانفتاح طبيعة أرضها المنبسطة على سهل بنغازي والعمل على تأصيلها والتأكيد عليها بإيجاد شريط بيئي ساحلي بمحاذاة الشاطئ للأنشطة الترفيهية السياحية والثقافية الرياضية ذات أبنية منخفضة في الكثافة البنائية والارتفاع للسماح للرياح البحرية التغلغل داخل النسيج العمراني للمدينة ولا تحجب الرؤيا وتحديث منطقة الصابري ضمن الشريط البيئي الساحلي .

4. دراسة واقع المدينة القديمة وتحديد المباني أو النسيج العمراني للمدينة ذات القيم المعمارية والتاريخية وأساليب المحافظة عليها أو إعادة ترميمها وتوظيفها.

5. دراسة واقع مدينة العمارات الصينية ومدينة الجوازي والعمل على استكمال المباني الخدمية والعامة وانجاز البنية التحتية والأهم دراسة شبكة المواصلات للطرق الرابطة بالمدينة – شارع الجزائر وطريق طرابلس – حيث إنها في وضعها الراهن لا تستوعب الحركة المرورية وذلك لتخفيف الضغط على المدينة بنقل بعض السكان أو النازحين إلى هذه المدن .

6. وضع الشروط والمعايير واللوائح من أجل احترام خصوصية السكان الاجتماعية والثقافية الدينية، وذلك لإعطاء المدينة طابعها العمراني والمعماري المميز، ومتابعة تنفيذها ضمن قوانين تضبطها .

7. وذلك بهدف وضع تصور للمدينة يهدف لوضع مخطط يستوعب احتياجاتها، إن هذا الهدف لا يتحقق إلا باتباع المنهج العلمي في التخطيط العمراني وهذا يتطلب:

 أ- استحداث مؤسسات التخطيط العمراني بكل مستوياتها . 

ب- إعداد وتأهيل الكوادر المختصة . 

ج- تحديد قوانين ممارسة المهنة .

   

  تحميل البحث 




mediafire


تعليقات